الفصل 18

24 4 1
                                    

كان بوسعها الصراخ حينها ، غير أنها قد أمسكت فاهها بقوة وعيناها تكادان تخرجان من مكانهما من فرط الدهشة .

أمسك  بها بسرعة وضمها إليه بعيدا عن مرأى عيون الدورية التي قد بدأت ، تماسكت نفسها بصعوبة شديدة وهي تختبأ في الظلام ودقات قلبها تتسارع بقوة خيّل إليها في لحظة أن الحياة سلبت منها وهي ترى رونق ذاهبة إلى فوهة الموت بأقدامها .

أكمل سيره نحوها وهو يحمل رونق بين يديه بخفة ، والتي هي الأخرى كانت مشدوهة مما قد حصل معها وسرعة بديهته في إنقاذها من الخطر الموشك ،  وضعها على الأرض بالقرب من ثريا التي هبت تعانق أختها بحرارة وهي تقبلها قائلة : عليك الإنصات لكلامي في المرة القادمة لقد كنت على وشك الموت !
قاطع حديثها قائلا : ولكنها لم تفعل
رفعت عينيها ناحيته وقالت بصوت خفيض : شكرا لك
ضحك بعفوية وردّ عليها قائلا : ألا يمكنك رفع صوتك أكثر من هذا ؟
أزاحت بوجهها عنه وسألته وهي مشيرة بإصبعها إلى البوابة : أيمكنك فتحه ؟
- أجل يمكنني ذلك
ضحكت رونق في صمت وقفزت عاليا في السماء من فرط الحماسة حتى قاطع بهجتها تلك قائلا :  ولكن بشرط واحد .
توقفت رونق حينها عن الحراك  ، بينما سألته ثريا بإرتباك قائلة : ماهو هذا الشرط ؟
تقدم ناحيتها أكثر وهمس في أذنها ببطء :  هل رونق تعلم ؟
فزعت ثريا مما سمعته و كانت علامات الإرتباك واضحة على محياها ، خشية أن تكون تكهناتها صحيحة فأشارت له برأسها أن لا . 

رسم على وجهه شبح ابتسامة وهو يقول لها : سوف أمنحك المفتاح من أجل تحريره ولكن عليك منعه من الخروج من هناك إلا بعد يومين .

صرخت في وجهه متسائلة : ولم علي فعل ذلك !

- هذا هو شرطي وإن لم تقبليه فسأذهب من هنا كما أخبرتك سابقا .

سحبت رونق طرف قميص ثريا  ببطء وهي تسألها بفضول : ما الذي يقصده ؟

ردت عليها ثريا دون الإلتفات لها قائلة : لا عليك سوف أفهم منه الآن مالذي يريد فعله .

- للأسف أنت لن تستطيعي فعل ذلك ، سوف أسمح له بالخروج من هناك  إن كان تحت تهديد بالموت فحسب .

أمسكته من كمي قميصه وهي تصرخ فيه بشدة : ما هذا الهراء الذي تتفوه به ! إنه يصارع  هنالك كل يوم من أجل البقاء على قيد الحياة ! كل لحظة أتركه فيها وحيدا تعرضه للخطر .

أزاح يديها عنه وهو يتحدث قائلا : صدّقيني إنها لمصلحته .

إبتعدت عنه بغضب وهي تجذب أطراف شعرها نحو الأمام بعصبية ،  بينما رونق تقوم بلكمه على ساقه وهي تصرخ فيه : شرير !

- سوف أفعل ذلك ولكن ..

- ولكن ماذا ؟

- عليك أن تضمن لي سلامته خلال هذه المدة

- علي أن أذكرك أنني صاحب القرار ومن يقرر الشروط هنا وليس أنت .

- إذا ماكان عليك المجيء هنا منذ البداية إن لم تكن تريد المساعدة !

إستدار نحو الخلف وهو يهم بالرحيل قائلا : أنت تغضبين بسرعة حقا ، لم أقل أنني لن أقبل شرطك .

صعد الدرج على مهل بينما ثريا تنادي فيه من الخلف كي يتوقف ، ولكنه لم يستدر ناحيتها حتى التفتت ثريا خلفها كي تجد رونق تدخل المفتاح في قفل الباب بتوتر .

تبسّمت وهي تخاطب نفسها من الداخل قائلة : أحمق !

سحبت المفتاح من يديها بسرعة و شرعت تفتح البوابة بحماس وعيناها تميضان بشعاع من الحنين والأمل .

فتحت البوابة ومعها وجدت البهجة  طريقا لها  نحو قلب ثريا التي كانت تحلم بهذا اللقاء منذ سنين عديدة ، ماكانت السماء لتكفي فرحتها في تلك اللحظة وهي تبحث كالمجنون عن الزنزانة التي يقبع فيها ، أطلقت العنان لقدميها المجروحتين وهي تصرخ هامسة في أرجاء الممر المظلم قائلة بصوت محطم يشوبه الحنين : لوردي ، لوردي ..

تبعتها رونق هي الأخرى ولسبب لا تعرفه تبسمت بدورها وهي تلمح أختها بنظرة دافئة تتلفظ بأحرف اسمه ضاحكة : لوردي ، لوردي .

بينما كانت تشع فرحا خلف قضبان حريته  ، كان لوردي يتألم بشدة وهو يبكي بحرقة بعدما تركه جيمي على حاله تلك ، يضرب الجدران بقوة وهو يزفر عن غضبه حتى أتته في هدوء وهي تستمع لآهاته ، ناظرته من بعيد وهي تسأله بصوت خفيض  قائلة :

- لوردي ؟

رفع عينيه ناحيتها وهو يمسح دموعه بطرف قميصه في حزن : من أنت ؟

ليالي ديسمبر Where stories live. Discover now