الفصل 12

26 6 0
                                    

سير خطوات خفية وسط الممر ، الجميع يتقدم في ثبات وسكون عملية تجري داخل أركان القصر وقادتها في حالة من الشرود ، انقسمت المجموعة التي قد تم تعيينها إلى قسمين فريق يبحث عن القائد المراد  قتله بينما البقية يسعون إلى إيصال رسالة زعيمهم وكلمة واحدة تتبادر إلى أذهانهم ، كل دقيقة كل ثانية " ممنوع الخطأ " لأنهم يدركون جيدا أن الخطأ يكلف الكثير هنا .

همس الجندي في صاحبه قائلا : إن قائد المجموعة الثانية هنا

تقدم الإثنان إلى الغرفة وأوصدا الباب بإحكام قائلين : لدينا رسالة لك أيها القائد أوصانا زعيمنا بإيصالها إليك ، لديكم إجتماع اليوم في القبو على الساعة الثالثة صباحا في زنزانة القطب  كما أن هناك تعليمات أخرى تنص على عدم إخبارك بهذه المعلومة لقائد المجموعة الأولى .

لم يبد  على وجه القائد أي علامات تدل على الدهشة أو الإستغراب  ، بل اكتفى برسم ابتسامة غامضة على وجهه وهو يطالعهما بعينين تشعان خبثا قائلا :  - أخيرا ، لقد تحرك أحدهم !

استدار نحو المكتبة وقال بصوت فرح : أبلغاه تحياتي وأخبراه أنني سأكون هناك في الموعد المحدد .

- أمرك .

في نفس الوقت كانت المهمة تسري بسلاسة وأصوات قائد المجموعة السابعة تصل إلى عدد كبير من الجنود والقادة ، الوقت يقترب أكثر والأصوات تعلو مؤيدة بقوة ، و  بينما سير التحركات الخفية يعبر ممرات القصر فإن ذلك لا يشفع لسجين زنزانة القطب " لوردي "  الذي قد أتاه الجنود مسرعين من أجل إخرجاه من الزنزانة بغية التحضير للإجتماع .

كان منزويا على نفسه في الركن وهو يجهش بالبكاء في صمت  ، تقطعت أحبال صوته من شدة الصراخ أنه قد سجن ظلما ولاكن مامن صوت يسمعه ، أحرقته الدموع المالحة التي قد حفرت آبارا تحت مدمعه ، بينما وجهه قد تخللته علامات الشيخوخة وهو لم يكد يبلغ منتصف العشرين من عمره .

ضرب الجندي بيديه على الحائط موقظا له
- فلتستيقظ سيتم نقلك من هنا .
نهض لوردي ورجلاه ترتجفان من شدة البرد والصدمة بينما شعور يخالجه بإقتراب موعد الفرج
- لقد أخبركم ألفرديت بالحقيقة إذن !
- مالذي تتحدث بشأنه أيها الأحمق ؟ الوريث في غيبوبة منذ تلك الحادثة ، سيتم نقلك من هذه الزنزانة الآن إلى واحدة أخرى ولن يتم الإفراج عندك كما تعتقد .
فغر فاهه غير مصدق وهو يمسك رأسه بكلتا يديه  يصرخ قائلا :
- لا ، لا ااااا ليس ممكنا أن يحدث ذلك لي ! عليكم أن توقظوا ألفرديت ! أقسم لكم أنكم مخطئون بسجني هنا ! سيخبركم بالحقيقة لست من فعلها ! لست أنا ، لست أنا !!

أحضر الجندي مفتاح الزنزانة بينما رفيقه يطالع لوردي متعجبا و علامات التوتر بادية على وجهه ، حينها دخل الجنود وقاموا بإخراسه رغما عنه ، قيدوا معصمه و ضربوه إلى أن اختلطت الدموع بدماء جسده وهو يأن ألما ولكن ما من رحمة أو شفقة تستعطف قلوبهم وكأنهم آلات مجردة أمرت بالتنفيذ بضغطة زر واحدة تدعوهم للإيقاف أو التشغيل .

حينها أتى جيمي مسرعا وهو يصرخ في الجنود غاضبا  بالإبتعاد عن لوردي ، أزاح أيديهم عنه ونهرهم على معاملتهم له بذلك الشكل بينما سمح لوردي حينها لنفسه أن تستريح على الأرض وهو يصرخ متأوها ، استغرب جميع الجنود اتجاه ردّة فعله بينما أتى قائد المجموعة السابعة معلقا :
- دعوه يفعل به ما يشاء ! فمصيره  في الأخير هو الموت .
خرج الجنود من الزنزانة بينما ذهب جيمي لإحضار حقيبة الإسعافات الأولية ومن ثم قام بالجلوس بالقرب من لوردي ، وهو يخرج الأدوية من الحقيبة في صمت ، حتى نطق لوردي قائلا وهو يحاول النهوض من على الأرض بأيديه المجروحتين من أثر الضرب :
- لن أنسى لك معروفك هذا أبدا يا جيمي .
وضع جيمي يده على كتف لوردي وهو يحثه على الإستلقاء مجددا بسبب إصاباته البليغة وهو يقول له : فلتسترح الآن ولا تتحدث أبدا .

ابتسم لوردي حينها و عاد مجددا كي يستلقي على الأرض في طمأنينة ، بينما جيمي يضمد جراحه بعناية و لوردي يغمض عينيه من شدة الألم الذي يحس به ، بعد انتهاءه من تضميد الجروح قام بوضع الأدوية في الحقيبة من جديد وعاد لوردي كي يسأله مجددا وهو يضحك :
- لقد إنتهيت الآن من تضميد جروحي يمكنني التحدث الآن أليس كذلك ؟
أجابه بشيء من الهمهمة : نعم
قال لوردي ونبرة صوته تميل إلى الحزن أكثر : أعلم أنك تلوم نفسك لأنك لم تأتي إلى هنا لإخراجي أنا وألفرديت وتقول في نفسك أن أي شيء من هذا لم يكن ليحدث لو أنك قد أتيت ، و لكن لا عليك فلقد كان موعد إخراجنا بالبارحة في يوم وقوع الحادثة لم تمر سوى ثلاثة أيام ، لهذا فأنت لم تخطئ في أي شيء !

تابعه جيمي بنظرات صامتة وهو يتحدث بينما أكمل لوردي كلامه بسخرية كي يغطي شدة حزنه وآلامه قائلا :  إن قدري ملعون أليس كذلك ؟ أنا الآن أعاقب على جريمة لم أرتكبها ، بينما صديقي يغط في غيبوبة وأسرتي لا أعلم أي خبر عنها منذ مدة طويلة

حينها لمعت عينا جيمي في حماس وسأله قائلا : بالحديث عن ذلك يا لوردي ، كيف كان الصراع بينهما ؟ من بدأه أولا ؟

نظر له لوردي في إستغراب وهو يسأله بنبرة منكسرة : عفوا ؟ ، أنا أحكي لك عن معاناتي بينما أنت متحمس لمعرفة طريقة سير العراك !

نهض جيمي من على الأرض و نفض ملابسه من أجل المغادرة وهو يخبره ساخرا : لم أكن آتي لإنقاذك على أي حال  يا لوردي  ، مالذي تظنه ؟

وضع يده على وجهه وهو يسحبها نحو الأسفل ببطء ضاحكا بقهقهة : لا تمازحني ، هل ظننت حقا أنني أشعر بالذنب لما قد حصل معك ؟  إنه خطأك لماذا علي أن أفكر بشأنه ؟

حدق فيه لوردي ببلاهة  ، وأحرف اللغة بأكملها لم تسعفه لقول كلمة تصف حالته حينئذ ، اكتفى بمشاهدته وهو يضحك بقوة   ، بينما وقع كل ضحكة عليه كانت تحطم به شيئا خفيا .

الإنسانية
الصداقة
وأنت

كلها أشياء سخيفة ! لا معنى لها !

  هذا ما ردّدّه في نفسه حينها ...

ليالي ديسمبر Where stories live. Discover now