رنين هاتف في مكتب أمن محطة سانتا لوريس :
- ألو من معي ؟
- إنني المستأجر رقم ثمانية عشر .
ردّ الشرطي محدّثا : ااه حسنا لقد تذّكرتك ، لقد تم رفع راتبك لهذا الشهر سيّدي .
ردّ عليه العجوز صارخا من الفرح : اووه عزيزي لوردي يبلي حسنا إذا .
ردّ عليه الشرطي بشيء من الهمهمة : أجل يبلي حسنا جدا ، ولكن ..
- ماذا هناك ؟
- لن يتواصل معك لفترة طويلة من الزمن لأنه في عملية خاصة .
- لا عليك ، أنا احترم قواعد عملكم هل من شيء آخر ؟
- لاشيء سيّديحينها أغلقت السماعة وإلتفت الشرطي لزميلة قائلا :
إن العالم في حالة من الجنون !زفر بشدة ومن ثم ردّ عليه قائلا : ليس للوردي ذنب في أي مما يحصل ، مسكين ذلك الفتى .
- ما باليد حيلة !***********
جلس ألفرديت قبالة لوردي ومدّ يده إليه قائلا : أما أنا فاسمي ألفرديت تستطيع أن تنادي ألفريد من الآن فصاعدا .
تراجع لوردي نحو الخلف في ذعر وسأله قائلا : هل أنت ألفرديت حقا ؟
- أجل
- الوريث الحادي عشر للمملكة ؟
- أظن أن ..
لم يكمل الفرديت جملته تلك حتى أمسكه لوردي من ياقة قميصه صارخا فيه : كل مايحدث معي الآن بسببك !رفع ألفرديت يديه عاليا في الهواء وقام بالتهدئة من روعه قائلا له : فلتهدأ يا صديقي ، يمكننا أن أن تحدث ، لست أدري مالذي تقوله !
- لقد أرسلك أبوك هنا للإقتصاص مني !
نهض من مكانه بسرعة وقبض بيده اليمنى على حجر كان موضوعا على الأرض ومن ثم صرخ فيه قائلا : سأقتلك !!!
حينها نهض ألفرديت هو الآخر وقام بمراوغته إلى أن سقط أرضا ، ومن ثم قام بتقييد يديه وعيناه منتصبتان على وجهه الغاضب : أنا لست أدري عن ماذا تتحدث ، ألا ترى أنني بنفس المأزق معك ! كلانا محتجز هنا !
تدارك لوردي الأمر وقام بإبعاد يديه عنه محدّثا : فلتزح يديك عنّي أنا بالكاد أتنفس .
نهض ألفرديت عنه وسار مبتعدا وهو يضع أصابعه على وجهه كي يكبح غضبه الذي قد أفرغه في لوردي توّا ، ومن ثم إستدار قائلا : ما قصّتك ؟ لما أنت هنا ؟
قال لوردي بشيء من الغمغمة: أظن أنه ليس جديدا عليك أن ترى الجنود محتجزين هنا ، فلماذا تسأل ؟
- لأنك قد كدت تقتلني الآن !
- وكأن الملك لورشس سيسمح لي بفعل ذلك !
ضحك ألفرديت وردّ عليه قائلا : صدّقني سيكون ممتنا لك إن قمت بذلك .
رفع حاجبيه نحو الأعلى وسأله غير مصدق : هل حقا ماتقوله؟
- أجل ، وإن لم يكن كذلك لمَا كنت محتجزا هنا معك في الزنزانة !
صمت لهنيهة ومن ثم أردف قائلا : لقد أخبرتك الآن بما وددت أن تعرفه فماذا عنك ، وما قصّتك ؟
تنهد لوردي حينها وبدأ في السرد قائلا :
أنا أنتمي إلى الطبقة الفقيرة من المجتمع ، أعيش رفقة إخوتي الصغار وأبي شيخ كبير طاعن في السن ، منذ بلوغي الخمس سنوات حملت على أكتافي مسؤولية أكبر مني ،فبدل أن ألعب في الحي رفقة الأولاد الصغار ، كنت أفكر كيف لي أن أحصل لنا على فطور يسكت جوع بطوننا وخصوصا في فصل الشتاء .
- وماذا عن والدك ؟
- دعني أكمل لك
- عذرا ، أنا أستمع إليك .
- كانت أمي مريضة حينها بالسرطان وكانت تكلفة علاجها باهضة جدا ، فلم تكفي مصاريف أبي لكي تغطي إحتياجاتنا في البيت فوكّل مسؤولية ذلك العمل إلي ، كنت أعمل أينما وجدت فرصة ليلا نهار في الصيف أو الشتاء ... لم أكمل دراستي بسبب ذلك و أكملت بقية حياتي كذلك إلا أن أتى يوم يحدّثني فيه أبي قائلا : أن أمي قد توفّت !
حزنت من أجلها كثيرا وقضيت ثلاثة أيام دون أكل أو شراب كما قد إعتزلت العمل ، وبينما أنا مستغرق في تعاستي وآلام فقد الأم حدثني أبي قائلا : أن راتبه منخفض جدا ولن يكفيه كي ينفق علي أنا وإخوتي الصغار .
صمتَ لبضعة ثواني والعبرات تسقط على مقلتيه في مهل ومن ثم أردف قائلا : أخبرني حينها أنه قد وجد لي عملا يكفي من أجل تغطية كل نفقاتنا وعيشنا في سعادة وهناء ، وأنه لن يستطيع القيام به نظرا لتقدّمه في السن .
- وبعد ذلك ؟
- قبلت عرضه دون أي تفكير ، ومنذ ذلك الوقت لم أرى أبي أو إخوتي ولو لمرة واحدة ، والأسوأ من ذلك أنني قد عشت الجحيم بأمّ عينينه !
- إذا فأنت تعمل هنا صحيح ؟
- أجل
عانقه ألفرديت حينها وربّت على ظهره في حنو :
أنا آسف ، آسف جدا لك على كل ما قد حصل معك ، لا يستحق أي أحد منا أي يعيش بهذه الطريقة المؤلمة .
أرخى جسده وسقط بثقله كله على ألفرديت وهو يصرخ فيه باكيا :
لماذا أنا ؟ ، لم أنا تحديدا يا إلاهي ؟!!
![](https://img.wattpad.com/cover/352899915-288-k808642.jpg)
YOU ARE READING
ليالي ديسمبر
Actionألفرديت شاب عشريني غاص في غمار المجهول .. بين تقاليد العائلة وأحكام المجتمع كان يبحث عن ماهيته بين سطور الورق ، إلا أن وجد نفسه كاتبا يخط بالدماء فوق نصوص الأبرياء ظلما ، فما قصته ؟ وما هو عنوان حكايته؟ 2023/09/24