الفصل 5

28 7 1
                                    

رنين  هاتف في مكتب أمن محطة سانتا لوريس :
- ألو من معي ؟
-  إنني المستأجر رقم ثمانية عشر .
ردّ الشرطي محدّثا :  ااه حسنا لقد تذّكرتك ، لقد تم رفع راتبك  لهذا الشهر سيّدي  .
ردّ عليه العجوز صارخا من الفرح  : اووه عزيزي لوردي يبلي حسنا إذا .
ردّ عليه الشرطي بشيء من الهمهمة : أجل يبلي حسنا جدا ، ولكن ..
- ماذا هناك ؟
- لن يتواصل معك لفترة طويلة من الزمن لأنه في عملية خاصة .
- لا عليك ، أنا احترم قواعد عملكم هل من شيء آخر ؟
- لاشيء سيّدي

حينها أغلقت السماعة وإلتفت الشرطي لزميلة قائلا :
إن العالم في حالة من الجنون !

زفر بشدة ومن ثم  ردّ عليه قائلا : ليس للوردي ذنب في أي مما يحصل ، مسكين ذلك الفتى . 
- ما باليد حيلة !

***********

جلس ألفرديت قبالة لوردي ومدّ يده إليه قائلا : أما أنا فاسمي ألفرديت تستطيع أن تنادي ألفريد من الآن فصاعدا .

تراجع لوردي نحو الخلف في ذعر وسأله قائلا : هل أنت ألفرديت حقا ؟
- أجل
- الوريث الحادي عشر للمملكة ؟
- أظن أن ..
لم يكمل الفرديت جملته  تلك حتى أمسكه لوردي من ياقة قميصه صارخا فيه : كل مايحدث معي الآن بسببك !

رفع ألفرديت يديه عاليا في الهواء وقام بالتهدئة من  روعه قائلا له : فلتهدأ يا صديقي ، يمكننا أن أن تحدث ، لست أدري مالذي تقوله !

- لقد أرسلك أبوك هنا للإقتصاص مني !

نهض من مكانه بسرعة وقبض بيده اليمنى على حجر  كان موضوعا على الأرض ومن ثم صرخ فيه قائلا : سأقتلك !!!

حينها نهض ألفرديت هو الآخر وقام بمراوغته إلى أن سقط أرضا ، ومن ثم قام بتقييد يديه وعيناه منتصبتان على وجهه الغاضب : أنا لست أدري عن ماذا تتحدث ، ألا ترى أنني بنفس المأزق معك ! كلانا محتجز هنا !

تدارك لوردي الأمر وقام بإبعاد يديه عنه محدّثا : فلتزح يديك عنّي أنا بالكاد أتنفس .

نهض ألفرديت عنه وسار مبتعدا وهو يضع أصابعه على وجهه كي يكبح غضبه الذي قد أفرغه في لوردي توّا ، ومن ثم إستدار قائلا : ما قصّتك ؟ لما أنت هنا ؟

قال لوردي بشيء من الغمغمة:  أظن أنه ليس جديدا عليك أن ترى الجنود محتجزين هنا ، فلماذا تسأل ؟

- لأنك قد كدت تقتلني الآن !

- وكأن الملك لورشس سيسمح لي بفعل ذلك !

ضحك ألفرديت وردّ عليه قائلا : صدّقني سيكون ممتنا لك إن قمت بذلك .

رفع حاجبيه نحو الأعلى وسأله غير مصدق : هل حقا ماتقوله؟

- أجل ، وإن لم يكن كذلك لمَا كنت محتجزا هنا معك في الزنزانة !

صمت لهنيهة ومن ثم أردف قائلا : لقد أخبرتك الآن بما وددت أن تعرفه فماذا عنك ، وما قصّتك ؟

تنهد لوردي حينها وبدأ في السرد  قائلا :

أنا أنتمي إلى الطبقة الفقيرة من المجتمع ، أعيش رفقة  إخوتي الصغار وأبي شيخ كبير طاعن في السن ، منذ بلوغي الخمس سنوات حملت على أكتافي مسؤولية أكبر مني  ،فبدل أن ألعب في الحي رفقة الأولاد الصغار ، كنت أفكر كيف لي أن أحصل لنا على فطور  يسكت جوع بطوننا وخصوصا في فصل الشتاء .

- وماذا عن والدك ؟

- دعني أكمل لك

- عذرا ، أنا أستمع إليك .

- كانت أمي مريضة حينها بالسرطان وكانت تكلفة علاجها باهضة جدا ، فلم تكفي مصاريف أبي لكي تغطي إحتياجاتنا في البيت فوكّل مسؤولية ذلك العمل إلي ، كنت أعمل أينما وجدت فرصة ليلا نهار في الصيف أو الشتاء ... لم أكمل دراستي بسبب ذلك و أكملت بقية حياتي كذلك إلا أن أتى  يوم يحدّثني فيه أبي قائلا : أن أمي قد توفّت !

حزنت من أجلها كثيرا وقضيت ثلاثة أيام دون أكل أو  شراب كما قد إعتزلت العمل ، وبينما أنا مستغرق في تعاستي وآلام فقد الأم حدثني أبي قائلا  : أن راتبه منخفض جدا ولن يكفيه كي ينفق علي أنا وإخوتي  الصغار  .

صمتَ لبضعة ثواني والعبرات تسقط على مقلتيه في مهل ومن ثم أردف قائلا : أخبرني حينها أنه قد وجد لي عملا يكفي من أجل تغطية كل نفقاتنا وعيشنا في سعادة وهناء ، وأنه لن يستطيع القيام به نظرا لتقدّمه في السن .

- وبعد ذلك ؟

- قبلت عرضه دون أي تفكير ، ومنذ ذلك الوقت لم أرى أبي أو إخوتي ولو لمرة واحدة ، والأسوأ من ذلك أنني قد عشت الجحيم  بأمّ عينينه !

- إذا فأنت تعمل هنا صحيح ؟

- أجل

عانقه ألفرديت حينها  وربّت على ظهره في حنو :

أنا آسف ، آسف جدا لك على كل ما قد حصل معك ، لا يستحق أي أحد منا أي يعيش بهذه الطريقة المؤلمة .

أرخى جسده وسقط بثقله كله على ألفرديت وهو يصرخ فيه باكيا  :

لماذا أنا ؟ ، لم أنا تحديدا  يا إلاهي ؟!!

ليالي ديسمبر Where stories live. Discover now