البدء في العملية ..
سير منسق في الخطوات وجوه تلتف إلى نفس الجهة، أعين منصبة على الباب الخشبي ، أماكن متعددة قد إتخذها الجنود مخبئا وهم ينظرون بحذر إلى الحراس عند البوابة .
طلقة واحدة ، إثنتان .. فارقت الحياة جسده وسقط طريحا على الأرض .
حينها بدأت العملية الحقيقة وانقلب الجنود على الحراس عند المدخل بصمت تام ، سرعة في البديهة وأداء متقن كان ثمرة جهد قد دام لعشرة سنوات من التدريب في قصر " لورشس " .
تقدم قائد الفرقة نحو الأمام بعد أن قام بإبادة جميع الحراس عند المدخل وهو باحث بعينيه عن غرفة مغلقة قد تقوده إلى مكان ألفرديت الذي كان حبيسا في قاعة جانبية .
تحدث أحد الجنود قائلا : أيها القائد لقد عثرنا على شيء هنا .
إلتفت نحوه بشيء من القلق وهو ينظر إلى قطع الدماء المتساقطة على الأرضية .
- أظن أن هذه الدماء حديثة ، علينا الإسراع .تشتت الفرق وقام كل واحد منهم بالبحث في مكان مختلف ، حتى شوهد أحد الجنود واقفا عند مدخل أحد الأبواب الجانبية الواقعة تحت الدرج الذي يؤدي إلى الطابق الثاني .
لم يكن هناك وقت لتبادل نظرات الحيرة أو الشك حينها بل تقدم بسرعة نحو الأمام للإستفسار عن الأمر ، حتى صرخ في رفاقه قائلا : إن الفرديت هنا !
ربما ولأن مشاهد البؤس كانت تتكرر أمام أعينهم كثيرا طيلة السنوات الفارطة ، بقوا محدّقين فيه بشيء من البرود والإشمئزاز من الدم الذي قد شكل بركة كبيرة وسط الغرفة .
كان ألفرديت يحمل بيده اليسرى سكينا ويقوم بتصويبه نحو أماكن مختلفة من جسده وهو مشكل علامة القطب عليها ، كان يئن من الألم ويحبس أنفاسه ثم يطلقها مرة واحدة حتى تخرج ككومة من إعصار حارق ، يغير موضعه كل ثانية وكأنه يريد أن ينتشل روحه من جسده وهو يصرخ فيهم بإستمرار أن يذهبوا ، إلا أن أتى قائد الفرقة حينها . قام بالمرور وسط الجنود وهو يرمقهم بنظرات من التعجب حتى دخل إلى الغرفة وقام بإزالة السكين من يد ألفرديت وصرخ فيه قائلا : ماخطبك !!
لم يتكلف ألفرديت حينها عناء النظر فيه حتى ، بل إكتفى بالضحك و الضحك حتى إنقطعت أنفاسه مرة واحدة وسقط على الأرض ..
حينها أزاح القائد يديه من ألفرديت وهو مرعوب يتراجع نحو الخلف حتى اصطدم بأحد جنوده فصرخ فيه قائلا : لماذا لم تقم بإنقاذه !
رد عليه الجندي بنبرة ثابتة و هو ينظر إليه ببرود : أوامر الملك " لورشس" تنص على عدم وضع إصبع واحد منا على السيد ألفرديت .
حينها وجّه القائد صفعة على وجهه حتى أسقطته على الأرض من شدة قوتها ورد عليه قائلا : إنها مسألة حياة أو موت .
ردّ عليه وهو طريح على الأرض هامسا :
حتى أنا أريد البقاء على قيد الحياة !
**************
في الجانب الآخر كان لوردي يعد الدقائق على يديه في مهل ، وهو يقلب بعينيه سقف الزنزانة التي قد احتجز فيها ، إعتاد على صوت الماء الهاطل حتى أصبح أنيسا له في وحشته ، وهو يفكر في مصيره ومصير والده العجوز الذي قد تركه وحيدا يصارع الحياة في الخارج .
- هل من الممكن أنه قد أنفق كل المال الذي قد أعطيته له الشهر الماضي ؟ هل هو بخير ؟ هل دخل المستشفى مرة أخرى ؟ وما أخبار إخوتي ؟ كيف يبلون في حياتهم ؟ هل هم يجدون ما يكفيهم من الطعام ؟
مرت الساعات والدقائق والثواني وهو يفكر في حال أسرته قبل أن يفكر فيما قد يحصل معه بعدها ، أسير في وحدته بين أربعة جدران تضيق النفس به حتى .
وأعين الملك لورشس تراقبه من بعيد في صمت ..
YOU ARE READING
ليالي ديسمبر
Actionألفرديت شاب عشريني غاص في غمار المجهول .. بين تقاليد العائلة وأحكام المجتمع كان يبحث عن ماهيته بين سطور الورق ، إلا أن وجد نفسه كاتبا يخط بالدماء فوق نصوص الأبرياء ظلما ، فما قصته ؟ وما هو عنوان حكايته؟ 2023/09/24