التضحية

14 2 0
                                    

أسند كفه وخده على راحة يده ناظرا الى النافذة ، تنهد في ملل ،حصة الرياضيات قاتلة ، كأنها تتمدد الى أكثر من ساعة لم يفهم ابدا كيف ان بعض الاشخاص مهوسون بها خاصة الدالات ،هو لم يحسب الارقام كيف سيحسب الحروف ؟؟

جواد : يكاد الملل يفتك بي

انتشر لون الشتاء الحديقة الجانبية، فاكتسح اللون البياض الناصح غصون الاشجار ، معظم الاوراق سقط الا البعض الذي يزال متمسكا بعنف بفروعه الاصلية ، شخص بصره على ورقة تعبت من التمسك ومواجهة الريح فأفلتت موطنها وأخذت تطير ضائعة في كل مكان ، الى ان سقطت على الارض ، بعد فترة تجمعت السحب وغطت على ضوء الشمس ، سقطت قطرات تمهد لغزارة ستأتي بعدها

جواد بعبوس : يالحظي لم أجلب مظلتي

بعد فترة ، وصل الى منزله مبلولا بالكامل زفر وهو يلقي بمعطفه على الارض ، جال بنظره في المنزل ، لا أثر لوجود أحد ، دخل المطبخ حشر في فمه نصف شطيرة كانت موضوعة على الطاولة ، أكمل طريقه الى غرفته ، فصعد السلالم ببطئ وهو يحدث نفسه : يوم دراسي طويلة و ممل و جو عاصف كئيب هذا ماكان ينقص ، غير ملابسه الى بيجامة والقى بجسده المنهك على السرير ثم غفى ...

بعد مدة استيقظ على صوت ضجيج عالي ، فتح عينيه وزفر بعنف ، استدار الى منبهه وجدها السادسة مساءا ، كعادته يفعل ذلك عن قصد ، نهض من فراشه اتجه الى الاسفل ليجد شرطيان مع والده و معالم وجه والده لا تبشر بالخير ، وقف يسترق السمع ، فسمع كلمات مبعثرة لم يفهم شيئا منها الا ان عيناه اتسعتا عندما سمع اسما معين ، دخل عليهم قائلا

_أبي ، ماذا هناك ؟

_ عمك قد توفي

_ ماذا ؟؟ كيف ؟

_ زوجته قتلته

اتسعت عيناه أكثر وقال مباشرة : ماذا عن..

_ هي مفقودة ........

قبل اثنتى عشر ساعة ، كانت تقف متجمدة في فزع في اعلى الدرج بينما تراقب امها وهي تغرس السكين في صدر والدها مرارا وتكرارا بابتسامة مرعبة ، تحولت رؤيتها الى ضبابية بسبب الدموع التي تحجرت في مقلتيها ثم انسابت على وجنتها ... اطلقت بعدها شهقة خافت الا ان والدتها سمعتها ، رفعت رأسها اليها بعدما اختفت الابتسامة

_خيال ؟؟ ابنتي تعالي الى حضني

لم تتحرك بل بقية مصدومة تنظر الى جثة ابيها التي اغرقت دمائها الارضية ثم تنظر اليها مغطات بدمائه وتحمل السكين ... وقفت والدتها ببطئ واتجهت الى ابنتها الخائفة مادت يديها اليها : هيا ياخيال تعالي

هزت خيال رأسها نفيا بينما لم تتحرك من مكانها ، وقفت والدتها على بعد مسافة قصيرة وتحولت ملامحها الى ملامح جامدة ثم انطلقت مسرعة اليها ، صرخت خيال في فزع و هربت منها اتجاه غرفتها حالما دخلت واغلقت الباب ارتطمت امها به ، وقفت خيال بعيدة عنه تراقب والدتها تشقه بالسكين الذي كان في يدها وتصرخ كالمجنونة ... دارت حول نفسها تبحث عن مخرج فاتجهت الى النافذة التي كانت ملجأها الوحيد ، الا ان المسافة كانت عالية جدا قد تسبب لها كسر جلست فيها تنتظر ربما ترحل والدتها ولا تضطر هي للقفز ..... توقف ذلك الضجيج خارجا فتوجهت حواسها الى باب غرفتها .... هل رحلة ؟؟

المتجولة .... خبايا الاحلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن