المقدمه ( صدفة بألف معاد)

3.4K 64 7
                                    

الإختلاف أساس كل شيء، بدون إختلاف لا توجد حياة.

-----------------
في ڤيلا رجل الأعمال صالح المحمدي.

مكان هادئ وراقي، ڤيلا من اللون الأبيض، الذي يعطيها رونقًا جذابًا بجانب تلك الحديقة البسيطة، يستيقظ من ثباته على صوت منبهه فينهض بتكاسل شديد، نظر بساعة الهاتف فوجدها الثامنه والربع، فتحرك سريعًا كالبرق، يتجهز ثم خرج من غرفته قاصدًا غرفة الطعام، دخل على عجلة منه، فوجدها تجلس على طاولة الطعام، تنظر بساعة يدها، فإعتذر سريعًا قبل أن يجلس بمكانه لكنها قالت بصوت متعجرف:

- اتأخرت ليه يا يوسف؟ الساعة كام معاك؟

-آسف يا ماما مش هتتكرر تاني.

نظرت له بتقزز وقالت بقسوة:

- قولتلك مليون مرة انا مش ماما، أنا مدام سوزان فاهم؟

نظر لها بحزن وقال:

- أنا بعتذر منك جدًا يا مدام سوزان.

وشرع في تناول طعامه، غافلًا عن تلك التي تجلس بهدوء تراقب ما يحدث ويدور ببالها جملة واحده.
"يا له من عديم شخصية"

أنهى طعامه وكاد أن يغادر لكن والدته أوقفته قائلة:

وصل ريم الأول.

نظر لها بغضب هو لا يعلم من هي ريم، ومنذ متى تتواجد هنا لكنه قال:

-ماشي

بعد أن ذهبا معًا، نظر صالح لسوزان وقال :

- براحه على الولد يا سوزان، هو كبر وبقى عارف مصلحته بلاش تضغطي عليه.

فقالت سوزان:

- متتدخلش انت في علاقتي بإبني يا صالح وخليك في شغلك.

نهضت تاركة إياه ينظر بأثرها وينهشه الندم على زواجه من تلك القاسية.

______________________

ظلت تتحدث طوال الطريق، لم تصمت لثانية واحده، وكان يتمنى أن يصل بها سريعًا، لِمَ الطريق طويل هكذا؟
يا إلهي لقد عصف بي ألم رأسي.

- كفااايه..

قالها بصوت مرتفع وهو يركن السيارة بمهارة أمام منزلها، فنظرت له ثم قالت:

- وصلنا، engoy يا چو.

تركته ودخلت منزلها وهي تضحك ضحكة غريبة حتى ظنها مجنونة.

لم يبالي، وتحرك ذاهبًا نحو شركة والده والتي يُديرها بمهارة، فهو مدير جيد للغاية، وقف بإشارة مرور، نظر بجانبه فإذا به يرى شاب يجلس بسيارة الشرطة، نظر له الشاب بعينيه، فأبعد يوسف نظراته سريعًا، وهو يحمل القليل من الإرتباك حول ذلك الشاب، أكمل طريقه نحو عمله وهو يفكر في والدته والحياة التي يبغضها كثيرًا.

_____________

على الصعيد الآخر، يستيقظ شاب في منتصف العشرين، بمكان أشبه ب (عشة الفراخ) على صوت يأتيه من الخارج يقول:

"نوح يا نوح حمص بيتخانق على أول الشارع"

سمع تلك الجملة ونهض من مكانه سريعًا، يُمسك بماديته، وذهب لمكان الشجار، نظر فإذا به يجد حمص صديقه يقف وأمامه فرج ورجاله، يتواجهون، فدخل هو بالمنتصف وأخرج ماديته وهو يقول:

-هتبعد يا معلم ولا أشرحك في مكانك؟

فقال فرج:

-إمشي يلا أنا مبكلمش عيال وصاحبك ده هعلم عليه النهارده.

فنظر له نوح ببرود، وبحركة مفاجِأة رفع ماديته وجعلها تشق وجه فرج الذي تأوه بألم وجائت الشرطة بعد تلك الحادثة، ألقت القبض على نوح وصديقه حمص، ومعهم فرج.

وفي طريقه لقسم الشرطة، نظر بحانبه، فوجد شاب يجلس بسيارته الفخمة، ينظر إليه بصمت، فنظر له نوح بسخرية ثم أدار وجهه للجهة الأخرى وهو يقول:

- حبيب مامي.

وصلو لقسم الشرطة وقف نوح أمام الضابط الذي قال بهدوء:
- هتتصالحو ولا نعمل محضر وتترمو كلكو في التخشيبه؟

فقال نوح:
- مش هتصالح يا باشا.
- اسكت انت يا نوح، هو كل اسبوع لازم اصطبح بوشك ده؟

إبتسم نوح بهدوء وقال:
- الحلو للحلو يا باشا، وأنت راجل محترم وابن أصول عشان كده بتصطبح بخلقتي الحلوه دي.

نظر له الضابط بإشمأذاذ وقال بهدوء:

- فرج اتصالح أحسن ليك، بدال م تترمي في الحبس بوشك ده

- ياباشا هو الي عورني انا اخش الحبس ليه؟

فقال نوح بهدوء وبرائة:

- ومين اللي خد صاحبي على خوانة وضربه بالمطوه في دراعه؟

نظر له فرج بغضب وقال:

- تمام يا باشا هتصالح.

خرجو من المخفر وقال نوح:

- كفاره يا معلم فرج.

نظر له الرجل بغضب ثم تركه وذهب سريعًا للحارة ينتظرهم هناك، كان نوح يعلم تمام العلم أنه سينصب له كمين لذا لن يعود الليلة لمنزله.

ظل يسير في الطرقات حتى جلس على إحداهم وتملكه الحزن، تذكر حياته قبلًا، تذكر كل شيء، تذكر والديه الذين توفاهما الله منذ سنتين، تذكر حلم حياته، تذكر أنه معلم لغة عربية، تذكر أنه أصبح فاشل، ومشرد، (بلطجي) كما يقولون، ضاع مستقبله بموت والديه، إنتهى كل شيء وها هو على حافة الطريق مجددًا، يريد أن يلقي بنفسه، وينتهي كل شيء لكنه يعلم جيدًا أن هذا سيزيد الأمر سوءً، غفى بمكانه وهو يفكر، على رصيف إحدى الشوارع الخالية، مرت سيارة من أمامه وتوقف سائقها، قلقًا على ذلك الذي يبدو عليه أنه ليس بخير، إقترب منه بهدوء وما إن لمسه، حتى أخرج الاخر ماديته، وأمسكه من تلابيب قميصه، وقال: إثبت مكانك يا حلو عشان متزعلش على عمرك.

فقال يوسف بخوف:

- إهدى إهدى أنا كنت هساعدك بس.

نظر له نوح بتمعن وقال بسخريه: هو انت؟

وأكمل:
تساعديني في ايه يا سوسو؟ روحي ساعدي نفسك الأول.

-----------------------------------------

بقلم/ ندى محمد

علِّمني كيف أكون : Teach me how to beحيث تعيش القصص. اكتشف الآن