( كوميديا سَوداء ) 3

647 39 4
                                    

_ تجلس وحيدة بذلك المنزل العملاق، تقول بصوت عذب، وهي تحمل ألبوم به صور لها ولزوجها الراحل، يبدوان سعيدان للغاية.

قد ضاق الخِناقُ رحلتم بالبدور وما رحِمتم مَشُوقًا
لا يبوح له اشتياق
فقلبي فوق رؤوسكم مطار
ودمعي تحت أرجلكم مراق
أقال الله من قود لحاظًا
دماء العاشقين بها تراق
وأبقى أعيُنًا للغيد سودًا
ولو نُسيتْ بها البيض الرّقاق
متى يصحو الفؤاد؟
وقد أديرت عليه من الهوى كأس دِهاق
وليس النّاس إلّا من تصابي لهوج الرّامسات بها اختراق كأن لم تُصبني فيها كعابٌ
ولم يُضرب بساحتها رواق
فعُجتُ على الطّلول بها مُكِبًّا
أسيرٌ عَضَّ ساعده الوَثاق حديد بارد في اللّوم قلبي فليس له إذا طرق انطرق.

  الشاعِر ( معروف الرصافي )

قاطعها صوت الخادمة وهي تقول:

_ يا حورية هانم في واحده عايزه حضرتك برا.

_ مين دي؟

_ بتقول اسمها سوزان السكَّري.

انتبهت حوريه لذلك الإسم، وهبَّت واقفة تقول:

_ دخليها فورًا.

دخلت تلك سوزان ووقفت أمام حورية التي نظرت بعينيها بتركيز وعادت لها ذكرايات تمنت لو مُحِيَت من ذاكرتها للأبد، لكن النسيان صعب في هذا الموقف وهذه اللحظة.

جلست سوزان بعنجهيه وضعت ساق فوق الأخرى وقالت:

_ بقالي كتير مشوفتكيش يا حوريه مختفيه فين؟

ردت الأخرى بثبات:

_ ملكيش دخل بحياتي يا سوزان جايه ليه؟

_ جايه علشان أعزيكي في جوزك يا حبيبتي.

_ شكرًا واجبك وصل اتفضلى برا.

قالت سوزان بإشمئزاز:

_ معقوله لابسه عليه الإسود بكل بجاحه؟ يلا أهو الي سرقتيه مني ربنا خده، عقبالك.

_ أنا مسرقتش حد من حد وأنتِ عارفه كده كويس، هو سابك علشان أنتِ ست مريضه ولا نسيتي الي كنتِ هتعمليه مع ابنك؟

_ دا مش ابني، دا ابن حرام، أو بمعنى أدق ده إبن جوزك الغير شرعي.

نظرت لها حوريه بعدم تصديق من بجاحتها وقلة حيائها وقالت بهدوء:

_ إطلعي برا.

قالت سوزان وكان الحديث يخرج من فمها على هيئة سُم:

علِّمني كيف أكون : Teach me how to beحيث تعيش القصص. اكتشف الآن