كان جالس ورا مكتبه الكبير في وسط غرفة واسعة مرتبة ومنظمة بشكل ينم عن ذوق عالي ...
فاتح قدامه وحدة من الملفات لمشروع جديد يستعد يسويه من بعد تخطيط دام لست شهور ..
لكن فكره في مكان ثاني ..
عايش لحظات حيرة .. لحظات تفكير سقيم يحاول ياخذ منه جواب عاللي شافه اليوم ...
لحظة شاف صورة اخوه اللي ماشافه لسنين طويلة ولا فكر يوم انه يدور له صورة يتذكره بها ..
لكن لحظة طاحت عيونه عالصورة هاجمته مشاعر قوية هزت كيانه ... ماقدر يتمالك نفسه من انه يمنع دمعة تسيل من عيونه ..
كان ايام الطفولة يموت في اخوه ويعزه بشكل كبير ... وماتخيل في حياته انه ممكن يجي ذاك اليوم اللي يفترق فيه عنه لسبب واحد حيوان ورطه وشوه سمعته .. لما اضطر انه يترك اهله ومدينته ويختفي عن همز ولمز الناس .. هذا غير عن غضب ابوه عليه ..
حلف وقتها انه لازم يظهر الحقيقة لأنه متأكد من أخلاقيات اخوه مثل ماهو متأكد من نفسه ..
مر في باله بشكل خاطف ذكرى قديمة لما كان هو بعمر 13 سنة واخوه صالح بعمر 10 سنين .. ذكرى تبين القلب الكبير اللي كان يملكه صالح بين ضلوعه وحناياه ..
دخل عليه غرفته ساعتها يشيل بين يديه عصفور مجروح أثناء ماكان هو يحل دروسه ...
صالح بلهفة : عبدالرحمن .. عبدالرحمن شف ...
ترك عبدالرحمن القلم اللي في بده والتفت له : صالح !!.. وين لقيت هالعصفور .. ؟!
صالح : في الحديقة .. شوفه مسكين مجروح وينزف ..
عبدالرحمن : صالح رجعه مكان مالقيته .. يمكن يكون مريض ويعديك ..
صالح : لا حرام لازم نعالجه ...
عبدالرحمن : طيب ... قلت لأمي ولا جبته عندي وبس ؟!
صالح : لا ... انت تعرف امي لو تدري تاخذه وترميه ...
ابتسم عبدالرحمن ... اخوه صاحب مشاعر رقيقة ورهيفة ..
عبدالرحمن : طيب يمكنه طايح من عشه اللي في الشجرة ...
صالح باندفاع : تسلقت الشجرة مالقيت عشه هناك .. قلت يمكنه جاي من بعيد وطاح في بيتنا ..
عبدالرحمن : طيب ياصالح .. حطة فوق الشجرة وخله ..
صالح قاطعه : لأ .. مجروح وشلون ياكل ويشرب ... بخليته عندي .. بس ..
سكت وهو يناظر اخوه بنظرات خايفة مترقبة ...
عبدالرحمن : بس أيش ؟!
صالح بهدوء خايف : بس خايف منك ؟
عبدالرحمن بنظرات مستغربة : خايف مني ؟!.. ليش ؟!
صالح : خايف تعلم علي أمي ... بعدين تضربني !!..
عبدالرحمن : ههههههههههه ... لا مارح اعلمها بس ياصالح العصفور ينزف بقوة ... والدم يغطيه .. ويمكن يكون مريض ويمرضك معه ..
صالح باصرار : معليش ... لازم نعالجه ... مايصلح نخليه كذا ...
سكت عبدالرحمن في هاللحظة بعدم اقتناع .. ورجع يلف لكتابه ودفتره يكمل حل .. وصالح تم واقف ينتظر من اخوه رد .. لكن عبدالرحمن كان صامت وهو يكتب ..
صالح بنبرة رجا : عبدالرحمن ..
عبدالرحمن : همممم ..
صالح : أبيك تساعدني نعالجه .. انا ماعرف ..
عبدالرحمن : وانا ماعرف ..
صالح : تكذب ..
التفت عبدالرحمن لاخوه ببرود ...
صالح بادره قبل مايرد : انا شفتك تعالج الحمامة مع فايزاللي كانت عنده ( فايز هذا كان صديقهم وولد جيرانهم ) ..
غصب عن عبدالرحمن رضى يسوي اللي يبيه فطلب منه يجيب موية مالحة ورباط قديم كان عنده ... وأشياء ثانوية ..
بدوا الشغل وبدوا العلاج ... عبدالرحمن لاحظ على اخوه السعادة وهو يقوم بهالشي .. ابتسم وهي ينظف الجرح ولفه .. ولما خلص ..
عبدالرحمن : يبيلنا نجيبله قفص الحين لما يطيب ..
صالح رفع العصفور بيده بفرح : مارح اتركك لما ترجع تطير مرة ثانية ..
عبدالرحمن : بروح بعد الصلاة واشتري قفص صغير من محل الحيوانات القريب ..
ضحك صالح بسعادة واخذ الطير معه وتوجه لغرفته ...
بعد الصلاة دخل عبدالرحمن على اخوه بغرفته ..
عبدالرحمن : صالح ... شوف وش جبت ؟!..
كان صالح منسدح على بطنه فوق السرير والعصفور قدامه متكور على نفسه من الخوف ..
واول ماشاف اخوه داخل عليه .. نط من مكانه وركض له ..
صالح : الله ... حلو ..
كان قفص أحمر داخله علبتين وحدة للأكل والثانية للموية ..
عبدالرحمن : وجبت له بعد أكل مخصوص عشانه ..
بفرح صالح طاح بحضن اخوه يتشكره ...
عبدالرحمن : رح الحين حط في هذا موية ... يمكنه عطشان ..
التقط العلبة من يده وراح ركض للحمام ... ورجع بخطوات هادية متأنية خشية ان الموية تنكب ..
اخذه عبدالرحمن منه وحطه قدام الطير .. اللي بسرعة بدا يشرب منه بنهم ...
صالح ببراءة حط يديه على خدوده من الرحمة اللي اجتاحته : حرام ... كان عطشان ...
بعدها قدموا له الاكل لكنه تم رافض ..
صالح : ليش ماياكل ... شكله جوعان ؟!
عبدالرحمن متفهم حالة اخوه البرئ : يمكنه خايف ... خل ندخله بالقفص .. واتركه لحاله وهو بياكل ..
انصاع صالح له .. دخلوه القفص وسكروا عليه .. وطلعوا من الغرفة ..
بعد كم يوم .. كانت حالة العصفور في تحسن .. دخل صالح غرفة اخوه اللي كان يذاكر ..
صالح بلهفة : عبدالرحمن عبدالرحمن ... تعال تعال شفه ... يبي يطير ...
ورجع راكض لغرفته ... تبعه عبدالرحمن وهو يضحك على انفعالية اخوه .. دخل عليه الغرفة ولقاه منبطح على بطنه يتابع العصفور اللي كان يرفرف بجناحيه ..
عبدالرحمن : هاه ؟!... وش فيه ؟!
صالح : يبي يطير ...
عبدالرحمن : يحرك جناحيه .. أكيد جناحه طاب ...
صالح : مسكيييين يبي يطير ...
عبدالرحمن : خله اليوم عندك ... وبكرة طيره ..
ابتسم صالح بسعادة .. وأومأ له براسه علامة رضاه واقتناعه بالموضوع ..
لما جا اليوم التالي .. نزل صالح القفص للحديقة حيث كان اخوه عبدالرحمن ينتظره .. طلع الطير ومسكه بيده ..
صالح يخاطب العصفور : بخليك تروح الحين ... بس لا تنسى تزورني ..
عبدالرحمن هز راسه يضحك : اوكي صالح ... يالله طيره فوق ...
بسرعة رمى صالح الطير فوق بضحكه كبيرة ملت ارجاء الكون من حوله ... الطير بدا يرفرف لما ارتفع وابتعد وغاب في مكان ثاني ...
عبدالرحمن : ها صالح ... راضي عن نفسك الحين ؟!.
أومأ صالح راسه .. علامة رضاه التام باللي سواه ..
أنت تقرأ
رواية انتقام ينجب الحب ( سعوديه )
Randomفي وقت كان قبل منتصف الليل بساعة ... رياح نهاية الربيع هبت وهزت معها الأشجار الخضرا والأزهار الملونة اللي كانت مجملة الحي .. اللي كان من اجمل أحياء الرياض وأرقاها .. في وحدة من البيوت اللي كانت في الظاهر تشبه القصور .. وفي وحدة من غرف الدور الثاني :...