تسللت نسمة باردة من بين الستارة لترفرف بين خصلات شعره القصير مبعثرة اياها بغرور.
وهو يشخر بهدوء وشفتاه مفرقتان عن بعضهما بمسافة لا تُكاد تُلاحظ.
انفاسه منتظمة و تتسلل خارج رئتيه بوتيرة بطيئة عابرة عبر ممر خروجها لتصطدم بانفاس تسير ضدها.
كانت وجوههما قريبة جدا من بعضها، انفاسهما تختلط ببعضها و نظرات تخترق المتكئ برأسه على ذراعه غارقا في نومه.
ارتفعت يد تمسد تلك الخصلات القصيرة بغيرة من نسمات الهواء المنافسة لها.
- استيقظ
نطق آمرا بصوت خافت، ومن المرجح ان لا يتلقى تفاعلا من شخص يغوص في اعماق عالمه و هو يحدثه بصوت بالكاد مسموع.
- ايها الكسول استيقظ
اعاد بنبرة تعلو سابقتها، ليقابله انين خافت دلالة على انزعاج ذلك النائم، قهقه بخفة ليقوم من الكرسي الذي اعاده للخلف ملصقا اياه بالطاولة التي يتكئ عليها الاخر و يهم خارجا.
بعد لحظات قليلة عاد وقد ضرب الباب بقوة صارخا بصوت عالٍ.
- استيقظ ايها الغبي!!
افاق الآخر مفزوعا وعيناه متسعتان من الدهشة ليلتفت بسرعة نحو باب الفصل الدراسي، و بمجرد ان لمح صديقه الصغير ذا القامة القصيرة حتى ناداه للاقتراب.
- تعال اليّ عزيزي تشويا، وكف عن الصراخ افزعتني.
بعثرت هذه الكلمات التي تلفظ بها مشاعر تشويا الذي اصيب بالبكم و الشلل في الآنِ ذاته.
مرت لحظات حتى استوعب ما قد طلبه منه الآخر ليتقدم بخطوات متقاربة و بطيئة نحو ذلك الجالس يراقب حركاته.
- فلتسرع الى حضني حبيبي
بصوت هادئ و ابتسامة مطمئنة اردف، لتتسارع نبضات قلب تشويا وقد كمش وجهه و عقد حاجبيه باستنكار.
- هل انت مريض؟ هل تشعر ان حرارتك مرتفعة؟
نطق تشويا وقد اصبح مقابلا للآخر الذي باغته بسحبه اليه مسقطا اياه في حجره.
- اخرس
تفوه وهو يرخي رأسه على رقبة الاصغر و يستمتع بأدق لمسة من جسده مستنشقا رائحة العطر المميزة التي تفوح منه.
- تفوح منك رائحة اشبه برائحة الفواكه الطازجة في فصل الربيع.
صمت قليلا قبل ان يكمل وقد اغلق جفنيه ببطئ.
- اشتقت لك كثيرا، اعدك اني لن اتركك لوحدك، انا سعيد حقا لرؤيتك مجددا.
رفع تشويا يده بقلق ووضعها على جبين الآخر بعد ان رفع ذقنه ليقابل وجهه، ثم اردف بقلق.
- انا بالفعل كنت معك صباح اليوم، دازاي هل حدث شيء ما؟
هز دازاي رأسه نافيا وهو يمعن النظر الى عيون تشويا الزرقاء بزرقة سماء صافية في منتصف الصيف.
ليجيب بعد ان امسك خصلات شعره البرتقالية الطويلة و مسدها بين يده ثم الى انفه يشم رائحة الشامبو التي تذيب عقله.
- مجرد حلم ازعجتني نهايته.
همهم تشويا متفهما، وقد طغى عليه الاحراج و بدأ بفرك رقبته و الالتفات الى كل الجهات، حدق بكل انش من الفصل الى عيون دازاي.
لكن هذا لم يطل، فبمجرد ان سمع طلب الآخر التفت اليه وقد اتسع ثغره مبتسما.
- هل اشتري لنا كعكة فراولة على حسابي، و بالتأكيد حليب فراولة لاكمال التحلية.
ابتسم مقهقها في نهاية كلامه حين لمح البريق المنبعث من عيني تشويا الذي كاد يستقيم واقفا لولا انه منعه معيدا راسه ليستند به على كتفه.
- دعنا نبقى هكذا قليلا، لم اشبع منك بعد.
• النهاية •
أنت تقرأ
مَـا كَـانَ عَلَيْـكَ إِنْـقَــاذِي || sᴏᴜᴋᴏᴋᴜ
Roman pour Adolescents• اكتب لنفسي لعلي ألقى اهتمامها. فيا نفسي كوني لي مستمعة راقية. ° و ان لم تكن نفسك لك صاغية، فاني هنا لأجلك، الست تقول اني نصفك المفقود. ها قد عدت لك فاحتويني بين اضلعك، و انا بأنفاسي الحارقة سأشعل روحك نارا تدفئك ابد الدهر. • اين كنت حين احترقت بحب...