5

6.6K 246 25
                                    

الغريبة

اصطبغت عيناه باللون الأحمر القائم وقرر مهاجمة الفارسين الملثمين ولكنه قبل أن يخطو نحوهما أول خطوة كانت سرابي قد شابكت أصابع يديها وقرأت طلسما كان من شأنه أن يُخرج حبالا سوداء من الأرض

تقيد أطرافه وتمنعه من الحركة.

كانت الحبال مسننة بالأشواك؛ الأمر الذي جعل جسد عاصف يرف دما، وبالرغم من ذلك لم يكن هذا الأمر هو ما جعله يشعر

بالألم.

كان ما جعله يشعر بالألم هو : أن ذلك الوجع قد أتاه من الشخص الوحيد الذي كان مستعدا لأن يقيم لأجله حربا ضد العالم لو أن أحدًا من العالم تسبب له بشيء من الأذى.
التفتت سرابي نحوه،

كان يبدو مثيرا للشفقة كأسد فقد أنيابه،

ورغم ذلك إلا أنها لم تتعاطف معه وواصلت سيرها نحو حصانها وكان ذلك الأسد لا يعنيها .. وكأنه لم يكن يوما بطل حكايتها وحامي عرينها .

كان يُشبه والدته في طفولته ولكنه بات الآن يبدو أكبر من عمره الحقيقي ذلك أن الحزن قد نحت له أعشاشا في وجهه خلال السنوات الماضية، فباتت ملامحه الحادة قبلة تهاجر إليها كل طيور العالم

الحزينة.

اعتلت سرابي فوق متن حصانها، وقالت له آخر ما كان يتمنى سماعه تلك اللحظة: - انساني إلى الأبد يا عاصف.

ثم رحلت.
**
لم يمض وقت طويل حتى زال مفعول الطلسم، سقطت الحبال السوداء عن أطرافه ولكنه لم يتحرك؛ فقد كان هنالك شيء آخر أكثر ثقلا يمنع جسده عن الحركة؛ إنها الأسئلة التي تكونت داخل عقله
"ترى ما الذي حدث لسرابي في ذلك الغياب الطويل وجعل منها فتاة أخرى ؟! .. تراها ما الذي كانت تعنيه حين

قالت بأنها عائدة إلى المكان الذي باتت تنتمي إليه ؟!

ما هو سر قوتها الهائلة ؟!

ما هو سر الوشوم التي ظهرت فوق حاجبها الأيسر ؟!

من هما الفارسان الملثمان اللذان كانا معها ؟!

والأهم من كل هذا هو :

ما الذي يجب عليه أن يفعله لكي يستعيدها ؟! "

وربما بسبب انشغاله بتلك الأسئلة لم ينتبه للخطر الذي كان متجها نحوه؛ فقد أصابته ضربة سددت له ببراعة وقوة في الجزء الخلفي من رأسه

جعلته يسقط مكانه ساكنا.

قال صاحب الضربة وهو ينحني لتفقده:

- لقد غشي عليه - وأضاف وهو ينظر نحو الخلف:

- أتعتقد أن الأمر سوف ينجح يا ذمار ؟!
قال ذمار - في الظروف العادية كنت سأقول لا؛ فعاصف كما تعلم يملك رأس حمار عنيد .. ولكن بعد الحقيقة التي سوف تطلعه عليها أراهنك أنه

سوف يقبل يا جلالة الملك.

وأضاف بنبرة تطمح لشيء عظيم:

- لو سار كل شيء حسب الخطة؛ أضمن لك أننا نستطيع كسر

ميثاق ( السفك ) يا سيدي.

كان ذلك الأمر ( كسر ميثاق السفك ) هو أحد الأحلام الكبيرة الملوك الأرض القديمة؛ وعاصف الآن هو الوحيد الذي يستطيع أن يضمن

لطاغين تحقيق ذلك الحلم.

نظر طاغين أرضًا - نحو الجسد الممدد - وقال متسائلا:

والآن ماذا نفعل به ؟

- نحمله إلى زنزانة القصر يا سيدي، وهناك نعرض عليه الأمر.

حملاه من هناك واتجها به نحو القصر، ولا أحد منهما قد انتبه إلى أن هنالك شخصا ما .. كان من البعيد يراقب كل شيء بعينيه السوداء

والأشبه بحجر مقدس.

السجيل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن