الأصدقاء
الليلة الأخيرةليلا،
وقبل التحرك بيوم اجتمع عاصف بأصدقائه، إنه يعرف الأسلوب القتالي لكل واحد منهم؛ هو لا يخشى على طائر العنقاء إكليل لأنه يعلم بأن إكليل سوف يتواجد دائما بالقرب منه، هو أيضًا لا يخاف على الحكيم لأنه كان قد قرر عدم اصطحابه إلى المعركة، إنه فقط يخاف من تهور الشمالي وأوس؛ لذلك قال يوجه إليهما كلامه:
- التهور غير مسموح به.
الحكيم ساخرا:
- آآخ يا رأسي، انظروا من يتحدث عن التهور !!
قال عاصف يوضح وجهة نظره في الأمر: إن المتهور هو شخص عاقل في الأساس ولكنه لا يحسب حسابا للخطر وعواقب الأمور، أما أنا فأحمق
ليس علي عتاب أو ملامة.
الشمالي وهو يحشره في زاوية ضيقه: ولكنك قائدنا والقائد قدوة لأتباعه؛ فإذا كنت أحمق فلا تتوقع من أتباعك أن يكونوا أقل جهالةمنك وحماقة.
قال أوس يُشاركهما :
- إذا كانت الشجاعة كذلك، فلا أحد منكما أحمق مني.
الحكيم وقد فاض به الكيل من أحاديثهم تلك: - لقد عشت كثيرا ورأيت الناس يتفاخرون بأشياء مثل الكرم والحكمة والقوة والكرامة، ولكنها المرة الأولى التي أرى فيها أحدا يتفاخر بالحماقة
مثلكم !!
ثم أضاف وهو يلتفت نحو إكليل:
- ألا تملك مداخلة يا طائر الشمندر ؟!
قال إكليل بنبرة ذات مغزى
- أنا فقط اتساءل عن سبب ارتدائك هذه الألوان السوداء. تجمد الحكيم قليلا لفرط دهشته، ثم التفت نحو الشمالي وسأله:
-
هل أخبرت أحدا بسر اللون الأسود ؟!!
الشمالي وعيناه تغرقان بدموع الضحك:
- لم أخبر أحدا إلا إكليل.
الحكيم وهو يلتفت نحو طائر العنقاء ويسأله بأدب واحترام
هل أخبرت أحدا بالسر أيها العم إكليل ؟!
عاصف فقط.
والحكيم ينظر نحو عاصف بعين كسيرة:
- هل تنوي إذاعة السر غدًا على أسماع قوات التحالف ؟!
لا، سأكتفي بأن أبترك به فقط.
وأنا في الخدمة دائما أيها العم.
قال أوس وقد أصبح لديه الآن الفضول لمعرفة سر اللون الأسود:
- لماذا ترتدي السواد أيها الحكيم ؟!
الحكيم وهو يتحدث بنبرة بطيئة كما ليضيف إلى جوابه نبرة الغموض
والإثارة:
- أرتدي السواد حزنا على الذين سأقتلهم غدا في المعركة.
حاول الجميع تمرير ما سمعوه، ولكن تلك الإجابة كانت أكبر من أن يستطيعوا معها منع ضحكاتهم؛ قال الحكيم معترفا بحقيقة السر وقد
به طفح به الكين:
- أرتدي الأسود لأخفي السوائل التي قد لا أنجح غدا في حبسها
أثناء المعركة.
كانت ليلة حميمة طالت فيها أحاديث الأصدقاء وتعالت فيها ضحكاتهم .. وعندما قاربت الشمس على الشروق قال الشمالي وقد أدرك أن ساعة الحسم اقتربت
- لنحظ بعناق أخير ، فلا أحد يعلم إن كنا سنلتقي بعد نهاية المعركة
أم أن هذا سيكون لقاءنا الأخير.
دام العناق بينهم وقتًا لم يتمنَّ أحد منهم انتهاءه، وبعد ذلك حمل عاصف بيده الحكيم وقفز بحركة رشيقة ليستقر فوق صهوة حصانه سابح
ثم قال يخبرهم:
- الموت غير مسموح به .. لنكن طوال الوقت في دائرة واحدة؛ حتى يحمي أحدنا الآخر عند الحاجة هل هذا مفهوم ؟!
اعتلى كل واحد منهم صهوة جواده المجنح ورددوا:
- مفهوم.
- اذهبوا إلى حيث الجيوش وخذوا أماكنكم، بينما سأذهب لأضع
الحكيم في مكان آمن وأعود إليكم.
الحكيم وهو يتملص من قبضة عاصف ويقول:- مهلا مهلا .. ما الذي تعنيه بمكان آمن ؟
- أنت لن تذهب معنا إلى ساحة المعركة أيها الحكيم.
- لماذا ؟! .. أهو مكان يمنع على الرجال الذهاب إليه ؟!
- أيها الحكيم، إنني جاد فيما أقوله
- وأنا جاد !!
- ماذا ستفعل هناك ؟!
- كالذي ستفعلونه أنتم !!
بدا عاصف محرجًا من مصارحته بالحقيقة، فقال الحكيم كما ليوفر عليه قولها: ربما لا أستطيع القتال بجسدي هذا، ولكنني أستطيع أن أكون
مفيدا في المعركة.
- ماذا ستفعل ؟
أنا وأنت سوف نشكل ثنائيا رائعا.
ثم تسلق جسد عاصف حتى اندس في أحد جيوبه، أخرج رأسه من
فتحة الجيب وقال:
- أنت عليك قتالهم، وأنا علي شتمهم.
كان من حق الحكيم أن يختار قراره بنفسه وعلى الجميع أن يحترموا
ذلك القرار .
**
انطلق عاصف وأصدقاؤه نحو الجيوش المتحالفة، ليأخذ كل واحد منهم مكانه .. لقد تغير هدف المعركة بالنسبة إليهم الآن فلم تعد المهمة انقاذ سرابي من الأسر، بل عقابها لخيانتها لهم.
**
أخذ الأصدقاء ينتظرون سماع صوت البوق الآذن الجحافل الجيوش
بالتحرك.
وكل واحد منهم يتذكر وصية عاصف الأخيرة:
- تذكروا أن سرابي لم تعد صديقتنا؛ إنها عدوتكم فاقتلوها بلا رحمة.
أنت تقرأ
السجيل
Horrorعاصف سليل الطين و النار "انها لا تستطيع البوح بما رأته في البرزخ،ولكنها متأكده بأن ذلك السر سوف يغير تاريخ الارض إلي الأبد"