الوجه الآخر
الخطة البديلة
تقدمت سرابي إليهم وسط دهشة الجميع،وجلست معهم ضمن الدائرة التي تحيط بنار التدفئة.
كان الجميع يريدون أن يسألوا عن سبب زيارتها، ولكن في الوقت ذاته كانوا يشعرون بأن تلك اللحظة أجمل من أن يفسدها أحدهم بالسؤال؛ فعلى الفلاح عندما يهطل المطر ألا يُفسد
اللحظة الجميلة بسؤاله السماء عن أسباب المطر.
مدت سرابي يدها تمررها برفق على ظهر طائر العنقاء الذي وإن حاول كتم حنينه إليها .. إلا أن إضاءة لهب النار استطاعت أن تكشف دموعه المخبأة في مقلتي عينيه وبينما كان الجميع سعداء بقدومها،
كان الشمالي وحده هو القلق من تلك الزيارة: فلم يعد يتبقى على الحرب سوى أيام قليلة؛ تُرى ما هو السر الذي يقف وراء قدومها في هذا
التوقيت الحساس؛ إنه لا يعرف السر ولكنه ليس مرتاحا للأمر.
قال يسألها :
- ما الذي جاء بك الآن يا سرابي ؟!
لم تتعجب سرابي من سؤاله؛ إنها تعرف إلى أي حد قد يكون الشمالي ذكيا؛ وتعلم أن قدومها لن يمر عليه دون أن يخلق بداخله الكثير من -
الأسئلة:
التفتت نحو عاصف وقالت:
- جئت أطلب منك أن توقف هذه الحرب.
أوس يعرف أن عاصف ربما ينساق وراء عواطفه؛ فقال يحذره قبل أن
يتخذ قرارًا قد يندم عليه لاحقا:
- ملوك الأرض العليا جميعهم يقفون إلى جانبك في هذه الحرب؛ إن
انسحابنا من حلفهم في هذا الوقت يُعد بمثابة الخيانة التي تستوجب منهم
عقابنا عليها.
قالت سرابي تستخدم ورقة الضغط التي تراهن على نجاحها:
- إن كنت أعني لك شيئًا، فأرجوك أوقفها .
عاصف لا يكترث بالكلام الذي قاله أوس؛ إنه يفعل فقط ما يمليه
عليه قلبه :
- إذا أوقفت الحرب، فهل ستعودين ؟
قالت دون أن تفكر في إجابتها مرتين:
- لا أستطيع. الآن وعندما قالت ( لا أستطيع ) تأكد أكثر من نظريته؛ إنها حقا محتجزة في الأسفل، ولكنها لا تريد أن تخبرهم بالحقيقة لأنها تخاف
عليهم.
عادت تکرر :
- أرجوك أوقف الحرب
قال وهو يُشير نحو الحطب المشتعل - إذا استطعت أن تقنعي هذه النار بأن تصبح باردة كالزمهرير، واستطعت أن تقنعي السواد أن يستحيل إلى ضوء منير أعدك أن أفكر
بطلبك.
أثناء تلك المحادثة بينهما - بين عاصف وسرابي - كان الشمالي يحاول بقوة الفراسة خاصته أن يعرف ما تخطط له سرابي ولكنها كانت تجيد تحصين نفسها جيدًا فتمنعه من الدخول إلى عقلها؛ وبرغم عدم
تأكده من نيتها إلا أنه كان شديد القلق منها.
عادت سرابي تطلب للمرة الثالثة:
- أرجوك أوقف هذه الحرب.
- وأنتِ ؟!
- قلت لك أنساني إلى الأبد يا عاصف !!
- قسمًا بعينيكِ اللتين هما موطني ومسقط رأسي ومدفني؛ لأقودن جيشا نحو الأسفل لا يتوقف عن سفك الدماء حتى تفنى الأرض السفلية
أو تعودي إلينا.
أدركت سرابي أنه لن يتراجع؛ وهذا ما جعلها تقرر كشف القناع عن وجهها الآخر وتنتقل إلى الخطة
البديلة:
فقامت بخطف الحكيم من حضن برقاء وقالت بصوت عال:
- قحاوطوا قالمنطقا !!
وما إن قالت ذلك حتى ظهر فرسان ملثمون من خلف الأشجار حاوطوا المنطقة بأكملها، وقد كان من الواضح أنهم فرسان ذوو قدرات خاصة.
لم يكن لدى الأصدقاء وقت لأن يستوعبوا ما حدث، كان الأمر في غاية البساطة: " لقد تعرضوا للخيانة "
كانت سرابي تدرك أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي؛ فقامت بتذكيرهم
بالشيء الذي بيدها :
- حركة واحدة منكم، وسيموت الحكيم.
استطاعت أن تشل حركتهم دون الحاجة لتعويذة أو طلسم سحري، وبينما هم غير مصدقين بأن سرابي قد تفعل هذا بهم؛ إذ قررت برقاء أن تستخدم قوتها لتحرير الحكيم .. ولكنها ما كادت أن تتحرك من مكانها نحوه حتى هجم عليها من الخلف فارس ملثم ذو عينين حادتين كالسم، وأسقطها أرضا.
لم تكن برقاء ضعيفة؛ فقد كانت تنتمي لسلالة عشائر الدم المعروفة بقوة أفرادها ولكن الفارس باغتها على حين غفلة.
امتلأت عينا الحكيم بالدموع لرؤية – أخته تسقط - وصاح مستغيثابأصدقائه:
- الثأر لـ برقاااء !!! لم يعد يهم الأصدقاء من يموت ومن يعيش .. فقد سقط أحدهم وعليهم أن يثأروا له حتى وإن كان ذلك يعني سقوط شخص آخر منهم
أو سقوط الجميع.
حلق طائر العنقاء إكليل عاليا مؤذنا ببداية الهجوم، قفز نحوه أحد الفرسان محاولا اللحاق به قبل أن يرتفع عاليا ويصبح سلاحًا جويا ضاربًا، ولكن الشمالي قفز معترضا الفارس في الجو وقسمه
بسيفه إلى نصفين.
اشتبك الأصدقاء ضد الفرسان الملثمين؛ الأمر الذي اضطر سرابي لأن تستخدم ورقة ضغطها الأقوى؛ كانت تعلم أن أرواحهم القتالية سوف تنهار بمجرد رؤيتهم مقتل الحكيم
فمدت يدها نحوه لتقتله.
أنت تقرأ
السجيل
Hororعاصف سليل الطين و النار "انها لا تستطيع البوح بما رأته في البرزخ،ولكنها متأكده بأن ذلك السر سوف يغير تاريخ الارض إلي الأبد"