كَانَ يَومَاً بَارِدَاً تَرَاكَمَت فِيهِ الثُلُوجُ وَغَطَت كُلَ البَلدَة ، وَكَانَ وَاقِفَاً يَنتَظِرُ سَان حَتَى يُقِلَهُ بِالسَيَارَةِ لانَ رُكُوبَ الدَرَاجَةِ فِي هَذِهِ الأجوَاءِ صَعب .
وَكَانَ كَمَا اعتَاد ، لا يُلَاحِظُ مُحِيطَهُ ، فَقَط يَعبَثُ بِهَاتِفِهِ ببرُودٍ يُضَاهِي بُرُودَ الجَو ، حَتَى سَمِعَ صَوتَ كَلبٍ يُصدِرُ صَوتَاً أقرَبَ للأنِينِ بِسَبَبِ الجَوِ البَارِد ، غَيرَ أنَهُ لَم يُعطِي أهَمِيَةً لَه .
وَكَادَ أن يُكمِلَ تَصَفُحَهُ بِهَاتِفِهِ لَولَا أن لاحَظَ فَتَاةً قَصِيرَةَ القَامَةِ ضَعِيفَةَ البُنيَةِ تَقتَرِبُ مِن ذَلِكَ الكَلب ، لِتَنزعَ الوِشَاحَ الذِي كَانَت تَرتَدِيه وَتَلُفَهُ حَولَه عَلَهُ يَمنَحُهُ الدِفئ.
وَعِندَمَا هَمَت بِالمُغَادَرَةِ بَينَمَا تَرتَجِفُ قررَ مَنحَهَا القُفَازَاتِ التِي يَرتَدِيهَا عَلَهَا تَنعَمُ بِالدِفئِ قَلِيلَاً ، وَبِالفِعلِ قَامَ بِذَلِك .
لَكِنَهُ نَدِمَ مُبَاشَرَةً بَعَدَ ذَلِكَ اذ كَانَت تِلكَ القُفَازَاتُ هَدِيَةً مِن سَان ، وَكَانَ قَد وَعَدَهُ إلا يُفَرِطَ فِيهَا .
وَمَرَت الأيَامُ عَلَى تِلكَ الحَادِثَة ، وَبَينَمَا كَانَ وويونغ وَاقِفَاً الَى أحَدِ أشجَارِ الجَامِعَةِ مُرَكِزَاً بِهَاتِفِهِ لَفَتَهُ صَوتٌ قَادِمٌ مِن أمَامِه فَرَفَعَ بَصَرَهُ نَحوَهَا
-خُذ هَذَا
قَالَت بِاستِحيَاءٍ قَبلَ أن تُعطِهِ كِيسَاً وَرَقِيَاً لَطِيفَاً تَملَؤهُ مُلصَقاتُ الحَيَوَانَاتِ اللَطِيفَة ، وَبِدَايَةً لَم يَتَذَكرهَا وَقَد ظَنَ أنَ هَذَا مُجَرَدُ اعتِرَافٍ جَديدٍ مِن احدَى مُعجَبَاتِهِ حَتَى نَظَرَ نَحوَ الكِيس ، اذ وَجَدَ أنَهَا وَضَعَت فِيهِ القَفَاز وَمَلأتهُ قِطعَ شُوكُولاتَه صَغِيرَة .
وَكَان قَد اهتَرَى سَابِقَاً غَيرَ أنهَا قَامَت بِخِيَاطَتِهِ لَه .
وَتَغَيَرَت حَيَاتُهُ مِنذُ تِلكَ الثَانِيَةِ تَمَامَاً مُنذُ تِلكِ اللَحظَة ، اذ رَاحَ يُلَاحِظُهَا فِي كُلٍ مَكَانٍ يَذهَبُ اليَه ، وَشَيئَاً فَشَيئَاً رَاحَ يَتَتَبَعُهَا وَوَجَدَ نَفسَهُ يُرَكِزُ فِي تَفَاصِيلِهَا العَذبَة ، وَأخِيرَاً أدرَكَ أنَهُ وَقَعَ فِي حُبِهَا .
وَكَانَ مُتَأكِدَاً مِن أنَهَا سَتَقبَلُ مُوَاعَدَتَه ، لَقَد كَانَ مَحَطَ اهتِمَامِ الفَتَيَاتِ دَائِمَاً لِذَا لَضم يَتَوَقَعِ الرَفضَ أبَدَا غَيرَ أنَهُ حَصَل ، تَمَ رَفضُه ، وَمَعَ ذَلِكَ لَم يَتَمَكَن مِن تَخطِيهَا ، بَل ازدَادَ حُبَاً لِهَا تَحدِيدَاً وَانَهُ كُلِفَ بِمُرَاقَبَتِهَا بضعدَ أن شَاهَدَت شَيئَاً لَم يَكُن يَجِبُ أن تَرَاه .