«العودة للبلد»
كانت أمه تجلس بهدوء أمامه ،، كالعادة وجه جامد ملامح باردة لا يمكن لك قراءة ما يدور في رأس هذا الرجل حتى لو فتحت عقله لن تجد أي شيء
لكن يمكنك على الأقل قراءة مظهره المميز فلقد كان أنس سالم ذو وجه وسيم لا يمكن التغاضي عنه في أي مكان
شعر أسود ،، عيون زرقاء برموش سوداء ،، بشرة بيضاء شاحبة قليلا ،، انف حاد ولحية خفيفة سوداء اللون تزيده هيبة ووقار ،، طويل القامة ،، جسد رياضي يخفيه خلف بذلته الكلاسيكيه السوداء
كان يراجع الأعمال ويلقي الأوامر على مساعدته الشخصية كاثرين فهو سيغيب لمدة حوالي خمسة عشر يوم لعين ،، من أجل حدث ألعن وما يزيد الحنق هنا أن والدته تقف على رأسه كالصقر تراقبه
هل هي حقا تراه رجلا في الإثنان وثلاثين من عمره إنه يقسم أنها تظن أنه لازال في العشرة أعوام أو أقل ،، لكن من يلومها فلطالما كانت الأمهات من هذا النوع وكانت نسرين تتخطاهم جميعا بأشواط
قلقها المفرط وحبها الغير مشروط لأنس كان شيئا أكبر مما يمكن للإنسان إستعابه لأنه كل شيء لها
لقد فقدت زوجها في حادث وهي في عز شبابها وكل ما تبقى من أكرم كان أنس الذي هو الشريان الذي يربطها بالحياة وإلا كانت ماتت منذ زمن بعيد
_ أنس هل ستموت إن لم تتفقد كل شيء قبل ذهابنا؟
رفع عينيه نحوها فهو قد يتجاهل الجميع إلا جلالتها الجميلة ،، وقد كانت فعلا كذلك شعر أسود طويل ،، عيون عسلية ،، بشرة بيضاء وشفاه وردية كانت أمه في عقدها الخامس
لكنها كانت لازالت تبدوا كأنها في العشرينيات فقط ،، ليس لأنها تعتني بنفسها أو اي شيء من هذا القبيل بل لأن نسرين كانت هزيلة الجسد وقصيرة القامة ،، بالإضافة أنها كانت تملك طفل واحد
فلقد تزوجت عندما كانت في السابعة عشر وانجبته في التاسعة عشر بينما والده كان في السابعة والعشرون قد يبدوا هذا الزواج غير منطقي للجميع لكنه كان منطقيا لأهله لأنهم وقعوا في الحب وتحداو الجميع من اجل ذلك العشق الذي لا يفهمه لحد الآن
إبتسم لأمه وقال
_ خمس دقائق أخرى وسأنتهي
رفعت رأسها إلى سقف غرفة مكتبه ذات الطراز الذي يناسب رجلا حديدي مثله ،، كل شيء باللون الرمادي يتداخل معه الأسود والأبيض
_ خمس دقائق فقط أنس ،، وإلا قمت برمي الحاسوب من الشرفة
إبتسم بسخرية ليس لأن التهديدات لم تكن جدية فأمه سترمي الحاسوب وربما كل المكتب وحين تقول تنفذ طبعا
بل كان الشق الهارب على ثغره هو رؤية شقاوتها التي لا تنتهي فعلاقتهم لم تكن علاقة ابن وأم بشكل كلي كانت علاقة متنمرة وطالب مدرسة مسكين
أنت تقرأ
جميلة ذلك الزفاف
Romanceكان الحب بالنسبة له مكروها في حياته ليس وكأنه شخص تعرض للخيانة او التعذيب او عاش ظروفا قاسية ،، لا بالعكس لقد عاش في كنف قصة حب نقية تستحق الذكر والتقديس ،، لكن أنس قدر رأى الوجه الآخر للحب وجه بشع ومؤلم وأسوء من حتى من الخيانة... كان وجه الفقد فعن...