لم تسألني أمي عما أشعر وبماذا أشعر لكنها تعرف تماماً ما الذي أنوي عليه وماذا فعلت بصيصان حظيرتها،
وربما تعرف شيئاً لم أعرفه أنا، كانت تذهب بي الشيخ أعمى يقرأ القرآن على رأسي،
كان يسكن بحي شعبي بعيد عن منزلنا، عند باب بيته تستقبلنا ابنته الشابة بغطاء أسود بغطيها وفتحة شفافة من عند عينيها،
تأخذ منا ثمن هذه الجلسة، والثمن غير محدد،
أي شيء تجود به نفسك، لقد كانت أمي تدس بيدها ورقة كاملة وهذا كان كثيرا ولكنها كانت تظن كلما أجزلت بالعطاء اجتهد هو بالقراءة وشفائي
كان هناك حوش ليس بالكبير ولكنه ممتلئ بالنساء المنتشحات بالسواد والبعض معهن أطفالهن،
هذا يبكي وهذا يغط بنوم عميق وهذا يحدق بالسماء، لقد كانت وجوه الأطفال بريئة قد سحبت هذا المكان دون دراية منها أو حتى دون موافقتها مثلما فعلت أمي،
ندخل بالأرقام فلكل واحد منا رقم يدل على هويته، لقد كرهت كوني رقم 7 وأيضاً رقم ٢٢ و آخر رقم وصلت له هو ٦٠ ،
كنت أود أن أحظى يوماً رقم ٥ لأنه رقم الحظ بالنسبة لي،
كنت أود أن أحصل عليه لعلها تكون جلستي الأخيرة مع الشيخ أو يموت الشيخ ويؤجل حضوري للأبد.
نادت ابنته الأخرى برقم ٧ وأمي بكل مرة ينادى فيها رقم تأخذ ورقة من يدي وتثبت منها،
لا تحفظ أمي سريعا وذاكرتها هشة، لقد كنت أخبرها أنه ليس برقمنا لكنها كانت تصر أن تتحقق بنفسها،
خشية أن أكذب عليها ويفوتها الدور.
دخلنا الغرفة وكانت جلسة خاصة حيث إن أمي دفعت مقابل هذا وكنت محظوظاً لأن لعاب الشيخ يكون بوجهي كاملاً ولن يتقسم العشرة أطفال آخرين دخلت أنظر للمعرفة بسجاد أحمر مرقش بالأخضر ورائحته فتنة تشبه رائحة فرش قديم مبتل بالماء،
تشير ابنته بيدها وتطلب من أمي أن تجلس هنا بهذه المنطقة مقابل الشيخ.
تمكني أمي من أكتافي الصغيرة وكأنها توجهتي إلى حيث أجلس فتضغط عليها أن أجلس هنا، أنظر لها وللشيخ وأنا خائف،
ثم أحاول أن أستدير لأنصرف لكن لا فائدة، أظل ممسكا بطرف عباءة أمي كجرا
أنت تقرأ
العَوسَج
Horrorالعَوسَج اسمي جبران في العقد الرابع من العمر، لا شيء يستحق أن أذكره عني، ولا سيرة جديرة أسردها عن نفسي شخص عادي لكنه ولد بلعنة تسكنه. أشعر أن هناك سفاحًا بداخلي، يتمدد داخل جوفي، يشتهي القتل ولا ينام كثيرا، ودائما ما يعاقبني بالأرق أنت لا تدرك ماذا...