ما بين الحياة والحياة الأخرى قرار لا تملكه أنت هناك من يختار لك كيف ستكون
الرحلة...
دخلت المكتبي، لقد جئت في الموعد هذه المرة، مجهد متعب وأجمل
فوق رأسي الأرق بكل ما أوتيت من جنون، مجنون أنتظر فقط من يخبرني بهذا ..
لقد مضى يومان ولم ألتق بسام الأحمق منذ آخر حوار لنا وآخر اعتراف أخذ إجازة من عمله وبقي مكتبه خالياً، لم يسألني أحد بعده لماذا تأخرت،
ولم يحضر لي أحدهم قهوتي كما يفعل معي سام هذا .. لقد شعرت بغيابه هذه المرة رغم أني أنا من قام بطرده وطلبت منه نسيان جبران بكل حكاياته، أفعل دائما ما تفعله أمي بعجزها،
لا حيلة لها سوى الطرد، رفعت سماعة الهاتف واتصلت عليه وقبل أن يرن أغلقت الخط، وعاودت لعملي وكأنه لن يحضر أبداً ..
وأثناء هذا وجدت كوب قهوة يوضع على طاولة مكتبي رفعت رأسي وإذا به سام...
يربت على كتفي ويشد عليه ويبتسم.. ويذهب لمكتبه، لم ينبس بكلمة واحدة، ومر يوم طويل على هذا الحال، لقد كنت أشعر أن سام
صديق ثرثار وكثير التدخل والسؤال، فكيف له أن يكون كتلة من
الصمت.. ربما يعز عليه أن يكون صديقاً لقاتل.
عدت للمنزل، أحمل معي خيبة فقد لصديق ثرثار، وأفكر بالخادمة الآسيوية التي لم تحضر اليوم في موعدها لتنظيف المنزل،
أشعر بالغبار في حنجرتي فلقد كان الأمس يوماً مغبراً عاصفاً، مررت من جانب غرفة أمي لم يتحرك شيء بداخلي تجاه هذا المكان، لم ألتفت حتى للباب
المغلق والهواء يأتي من تحته وكأن نافذة الغرفة مفتوحة، مررت بطريقة عادية لدرجة أن خطواتي كما هي لم تتثاقل أبداً لوجل وحزن،
توجهن للصالة تمددت على الأريكة كجنازة تنتظر المصلين،
لقد كان كل شيء يتحرك، الطاولة تطير والمنضدة تعوم بالسقف والثريا هائمة بأنوارها.
والستائر متطايرة كل شيء يعوم بالفضاء إلا أنا ثابت مكاني ثقيل جداً كتلة صخر يضربها الموج من كل جانب، غصن شجرة عملاق يقطع بر الجميع من فوق ظهره الحيوانات والإنسان والحشرات،
لا الحراك ولا الشكوى، لقد اقتربت من الجنون لا بد من إيجاد حية تحتاج الراحة، ضحية أتعبها المرض وتريد الخلاص، حتى أنعم
أنت تقرأ
العَوسَج
Horrorالعَوسَج اسمي جبران في العقد الرابع من العمر، لا شيء يستحق أن أذكره عني، ولا سيرة جديرة أسردها عن نفسي شخص عادي لكنه ولد بلعنة تسكنه. أشعر أن هناك سفاحًا بداخلي، يتمدد داخل جوفي، يشتهي القتل ولا ينام كثيرا، ودائما ما يعاقبني بالأرق أنت لا تدرك ماذا...