الوتين

05

" غيوم رمادية "

ليت الحياة كانت مجرد رواية أو قصة قصيرة ، يمكنني محو التفاصيل المزعجة منها و تغييرها بما هو أجمل و أسعد .

ليت الحياة كانت رواية و أنا كاتبتها ، حينها ربما كنت سأصنع عالما ورديا أعيش فيه أنا و محبوبي .

لكن الحياة ؟ تبقى مجرد حياة نخاف فيها من المستقبل الذي تحمله لنا ، و نتخبط بماضينا .

و هكذا هي حياتي ، خائفة من المستقبل الذي تخبئه لي و أتصارع كل يوم مع الماضي .

فتحت عيناي و أطلقت تنهيدة عميقة و للمرة الألف ، فلم أنم طوال الليلة الماضية ، و السبب؟ السبب كان الذنب .

ليس شفقة مني على العقيد الذي أحرقت له إحدى تذكرات محبوبته الميتة ، و إنما خوف من نظرة صغيرته لي حينما تكبر و تعلم بفعلتي ، فما قمت به لم يؤذي ديميتري و فقط ، و إنما سيحزنها أكثر ، و خاصة أن المرأة التي ربتها تكون هي من دمر إحدى الأشياء التي بقيت لها كذكرى من والدتها .

و لكن من جهة أخرى أرى أن العقيد يستحق ما فعلته ، و كم تمنيت لو أن قلبه قد احترق مع تلك الملابس ، بل لو أن حبه لزوجته السابقة هو ما احترق حينها ، فكيف له أن يصفعني؟ أوليس في كثير من الأحيان كنت أنا أرتدي ملابس صوفيا و رغم ذلك لم ينفعل لتلك الدرجة أبدا ، فلماذا كان رده بذلك السوء ليلتها ؟

نفضت تلك الافكار بعيدا عن رأسي و قمت من على السرير متجهة بخطاي ناحية الحمام لآخذ ثوت الإستحمام لأستر به جسدي و أخرج من الغرفة .

" لقد تأخرتِ كثيرًا سيدة إيليت رومانوف ، جعلتني أنتظرك لوقت طويل جدًا "

صوته الرجولي العميق قد صدح عاليا أثناء نزولي لذلك الدرج لتقع عيناي عليه هناك يجلس على أحد الأرائك الخضراء اللون ذو الأطراف الذهبية واضعا ساقا على الاخرى بينما يسند رأسه على كف يده المتموضعة على أحد جانبي الأريكة .

في حين أن زمرديتيه مثبتتان علي ، و هالة من البرود تحيط بما حوله ، و ما زاد منظره المتكامل ذاك كمالا و رونقا هو بدلته العسكرية المزينة بعدد من الشارات و النجوم المصطفة على كلتا كتفيه دلالة على مكانته المرموقة بالقوات البحرية، و أخيرًا كومة من الملابس الرجالية المرمية أمامه بإهمال .