56

62 8 0
                                    

عند وصولها إلى الحديقة، نظرت هيراس حولها، وحجبت ضوء الشمس بمظلتها.

بدا السيدات والسادة الذين ساروا في نزهةٍ سعداء.

سارت هيراس، بفمها العبوس بلا سبب، إلى زاويةٍ حيث لن يتمكّن أحدٌ من رؤيتها.

حاولت أن تبتهج على أي حال، لكن مزاجها كان متدنّيًا، فجلست على مقعدٍ قريب.

الشيء الوحيد الذي يريحيها هو أنعها لم تضطرٍ إلى الاهتمام بتعبيرات وجهها، التي كانت عبارةً عن تمثالٍ من الخيزران، لأن الناس لن تتمكّن من رؤيتها.

نعيق! نعيق!

ثم سمعت نعيق غراب، وأخذ الغراب مكانه على فرع شجرةٍ ونظر إلى هيراس.

عندما حدّقت فيها عيون الغراب السوداء اللامعة، أمالت هيراس رأسها في عجب.

'هل هناك شيءٌ حولي؟'

كانت في اللحظة التي أدارت فيها رأسها.

ظهر رجلان يرتديان القبّعات من خلف المقعد، أحدهما يمسك بكتف هيراس والآخر يكمّم فمها بحزمةٍ من المناديل.

"آه! آغه!"

عندما بدأت هيراس المتفاجئة في النضال، خرج شيءٌ مثل السوط المتوهّج من يد الرجل وقيّد معصم هيراس.

تحوّلت عيناها إلى اللون الأسود، وشعرت بألم الضربات على مؤخرة رقبتها الواحدة تلو الأخرى.

في اللحظة التي طار فيها الغراب، الذي كان ينظر إلى أولئك الذين انهاروا واعتنوا بالهيراس الممتدّة، إلى السماء، اصطدم الغراب بسهمٍ شفافٍّ من الأسفل، وسرعان ما سقط على العشب.

* * *

توك. توك.

سمعت صوتًا ثابتًا للمياه يتسرّب من السقف.

شعرت بالرطوبة والبلل في الهواء.

فتحت هيراس، التي جفلت من الصوت وتحرّكت بأطراف أصابعها، عينيها المغلقتين على الفور.

أول ما رأته كان تمثالًا للماعز معلّقًا في وسط الظلام.

كان على جبهة الماعز الذي جلس على مقعده صورة نجومّ وحروفٍ قديمةٍ معقّدة.

'آه. ما هذا!'

كانت متفاجئةً وعلى وشك القفز عندما وجدت مجموعةً من الأشخاص يرتدون عباءاتٍ سوداء متجمّعين أمامها.

كانوا يسجدون نحو المذبح الذي كانت ترقد فيه هيراس.

لم يبدُ أن أحداً قد لاحظ أنها قد استيقظت بعد، لكن لم يكن من السهل التحرّك لأن ذراعيها والجزء العلوي من جسدها كانا مقيّدين.

حاولت فكّه بالقوّة، لكن الحبل كان مربوطًا بإحكامٍ شديدٍ لدرجة أنه بدا من المستحيل فكّه بنفسها.

هيـــراس وزينــونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن