الفصل العاشر || هوامش

120 10 12
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
_____________

فتحت عيناها بكسلٍ وتثاوبت حين سمعت صوت رنين هاتفها ، مدّت يدها لتسحبه ثمّ تجيب مباشرة من غير أن تقرأ اسم المتّصل حتّى
" مرحباً "
تمتمت بصوتٍ ناعس ، فجاءتها الإجابة من الطرف الآخر:
" مرحباً يا ابنتي ليا ، كيف حالكِ وكيف حال والدتك .. اتّصلت لأخبركِ بأن جدّتك حدّدت موعد إفطار الجارات على شرف عقد قرانك ، وسيكون بعد ثلاثةِ أيامٍ من اليوم!. سأخبر والدتكِ لكنّني أردت إخباركِ أولاً "

استمعت لحديث خالتها الكبرى صفية ، التي ألقت الكلام كلّه دفعةً واحدة فوق رأسها. ولم تستطع الردّ حتّى ، حين تابعت خالتها بإلقاء التحية والمباركات مرة أخرى ثم أغلقت الاتّصال.

كانت ملامحها متجعّدة إثر ضوء الشمس الخارق الذي تخلل إلى غرفتها عبر النافذة ، بقت عدة ثوانٍ تراقب هاتفها بذات الملامح المتجعدة في محاولةٍ لاستعياب ما حصل قبل قليل. نظرها يتقلب بين فستانها الذي لم تخلعه منذ الأمس ولا حذاءها ذو الكعب العالي الذي لم تخلعه أيضاً.
استقامت أخيراً لتجلس بظهرٍ منحنٍ وتخلع حذاءها وعيناها مفتوحتان بالكاد.
ألقت به بعيداً بجانب الخزانة ، فصدر صوتٌ مزعج ضيقت عيناها له أكثر. ثم عادت لتمسك بهاتفها وتنظر للساعة ، وما إن وجدتها التاسعة صباحاً حتى قفزت من محلها متجهةً لدورة المياه ، بعد إدراكها فوات وقت الفجر عليها. نسيت ضبط المنبه قبل نومها وتعجبت أشدّ العجب أن والدتها لم توقظها ولم تطرق بابها حتى.

وقفت أمام المرآة مغمضةً عيناها بكسلٍ شديد ، وبدا أنها نامت حقاً أثناء وقوفها هناك. فقد مال رأسها للخلف حتى كادت تسقط ، لكنها لحسن الحظّ تداركت نفسها في اللحظة الأخيرة.
وفتحت عيناها تنظر لوجهها في المرآة أمام المغسلة ، فوجدت المَسْكَرَةَ قد ساحت على وجهها إثر بكاءها بالأمس وشكّلت خطوطاً سوداء عريضة وعشوائية على خدّيها. ففتحت صنبور الماء وجُعِلَ الماءُ يتدفّقُ منه ويصدرُ صوتَ خريره الذي كان هادئاً ومندمجاً مع صوت العصافير خارجاً. فشكّلت بيديها قبضةً تحت الماء لتجمع الماء فيها ثمّ تلقيه على وجهها لتغسله ، فركته برفقٍ ثمّ ضغطت على علبة صابون الوجه الضغّاطة فقطّرت قطراتٍ من الصابون السائل ، وفركت به وجهها حتى رغى عليه ونظّف ما به من مستحضرات التجميل. ثم غسلته مرةً أخرى بالماء وغسلت يدها من باقي الصابون وتوضّأت.

خرجت من الحمّام متوجهةً نحو خزانتها ، وأخرجت منها قميصاً قطنياً واسعاً وبنطالاً واسعاً ذو قماشٍ بارد وبدلت به فستانها الذي باتت به ، ثم صلّت قضاء الفجر الذي باتت عنه خطأً ، وتوجهت خارج غرفتها ، تحديداً نحو المطبخ لتسدّ جوعها.

حين اقتربت من غرفة المعيشة سمعت صوت التلفاز عالياً ، وقاطعه صوت ضحكات أفراد عائلتها. عقدت حاجبيها وزاد استغرابها أكثر ، ثم توجهت نحوهم بخطواتٍ عجولة لا تفكر سوى في ما حصل لهم لتتعالى ضحكاتهم سوياً هكذا.
لم تكن ليا تشهد مثل هذه المواقف عادةً ، بل كان أمراً نادراً للغاية ويحصل مرة كلّ عدة أشهر.

الآنسة الخطابة || The Miss khattaba حيث تعيش القصص. اكتشف الآن