الفصل السادس || اعترافٌ وضِحكة

157 12 8
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
_____________

أخذتُ حمّاماً دافئاً بعد عودتي لمنزلي. كنتُ منهكةً جداً وغير مستوعبةٍ لما حصل اليوم.
كانت مغامرةً مخيفة جداً. وقرّرت ليزا أن تحتفظ بالحقيبة في منزلها حتّى نسلّمها لمروة.

في الحقيقة أشعر بأنّني تعجّلت قليلاً بلقاء سراج ، لعلّني كنتُ أحتاج للمزيد من الوقت حتّى أفكّر أكثر.
ندمتُ كثيراً وأردت حقاً لو بإمكاني محادثته وتأجيل اللقاء ، ولكن قبل أن أنغمس أكثر في أفكاري .. طلب والدي من والدتي أن تناديني ليحادثني بأمر ما.
توتّرت قليلاُ وشُدّت أعصابي ، واعتقدته أنّه قد يوبّخني بسبب خروجي للعمل من غير إعلامه قبلها بفترة.

تركت المنشفة التي كنتُ أجفّف شعري بها على السرير ، ثم مشيت بهدوءٍ ووقار نحو غرفة المعيشة. وكان والدي جالساً هناك ، يرفع نظّارته على رأسهِ ويكسو وجههُ البرود.

" السلام عليكم "

رفع عينهُ إليّ ، ثمّ أنزلها مرة أخرى محدقاً بهاتفه وأجابني:
" وعليكم السلام "

كانت والدتي تجلس بجانبه. ارتخت أعصابي وهدأت حين لمحتها هادئة أيضاً ، واستبشرتُ خيراً ؛ لأنّ هدوء ملامحها يعني أنّني لم أقم بمصيبة سأوبّخ عليها.
جلستُ على الأريكة المقابلة لهما تماماً ، وانتظرتُ دون إضافة أي حرف.

لم يطل الصمت كثيراً ، فقد قطعه والدي حين ترك هاتفه ورفع عينيه ينظرُ إليّ. استنشق ببطئٍ أولاً ثم نطق
" ليا ، لن أعيد حديثي بشأنِ تقدّم سنّكِ .. لكنّني سأخبرك به من باب التذكير وحسب "

كنت منصتةً له تماماً ، ضاق صدري .. ولكنّني لم أكن لأحزن بعد الآن ولم أملك ما أقاطعه به أصلاً.

" تعرفين بالفعل أنّ سراج تقدّم لخطبتكِ. وأنا أخبركِ منذ الآن ، سراج شاب جيّد. سألت عنه كثيراً ولم تَشُبهُ شائبة ، لستُ أقول بأنّني أُكرهكِ على القبول به ، لازلتِ تملكين حقّ الرفض. ولكنّك بلغتِ بالفعل السابعة والعشرين ، عَنِستِ وبقيت عندنا ، لن يكثر خطّابك بعد الآن "

ضحكتُ بسخرية في قرارة نفسي ، لم يكن خطّابي كُثراً يوماً. وإن كان هذا لسبب ، فهو بالتأكيد بسبب عزليَ في هذا المنزل ومنعِ النّاس من التعرّف عليّ. كيف يخطبني أحدٌ أصلاً وكلّ ما يعرفونه عنّي هو العائلة التي أنحدر منها والتي تسبب المشاكل دائماً مع معظم الناس ، إن كنتُ عانساً حقاً يا أبي فهو بسببك أنت وحسب.

" ما أعنيه هو ألّا تغترّي بنفسكِ وتعتقدي أنّك برفضكِ له سيأتي الخطّاب ركضاً لكِ ، قد يكون هذا آخر خاطبٍ جيدٍ إن رفضته "
بصق كلماته على مسمعي فابتلعتُ غصّةً وقفت في حلقي وتنهّدت بهدوء.
رفعت نظري الذي كنتُ قد ثبّته على أصابع يدي ، ثم أجبته بابتسامةٍ هادئة كما توصني أمي دائماً حين أتعامل مع والدي
" لا تقلق ، أعرف ذلك جيداً يا أبي "

الآنسة الخطابة || The Miss khattaba حيث تعيش القصص. اكتشف الآن