2 الاعدام

1.9K 77 2
                                    

بين ردهات القصر الواسعة كان طاغين يتجه نحو قاعة الملك شاقا طريقه وسط الدخان الذي كان لا يزال منتشرا في الجو رغم انطفاء

الحريق..

كان المقاتلين خلفه يغنون ويتراقصون احتفالا بالنصر بينما هو يسير أمامهم موغلا في صمته غارقا في ذكرياته القديمة: إنه يتذكر الآن ذلك أمه وأخته في المنزل عندما وصلتهم أخبار اليوم البعيد الذي كان فيه مع

الإعدام...

**

عندما وصل خبر إعدام معراج انكسر قلب الزوجة عاصية فضمت إليها طفليها بقوة كما لو أنها بتلك الطريقة كانت تلف جبيرة حول غصن قلبها المكسور، سألها طاغين

- أندعهم يقطعون رأسه دون أن نتدخل؟!

- معه حق - قالت تاج - يجب أن نفعل شيئًا...

- لا تقولا هذا الكلام - قالت الأم - إنه حكم الملك...

نطق الابن ذو الثمانية أعوام : - عندما يتعلق الأمر بسلامة العائلة، لا سلطة لأحد علينا...

دهشت الأم عندما سمعت تلك الكلمات تخرج من فم ابنها الصغير، وأدركت وقتها أن المصائب تجعل الأطفال يُصبحون كبارًا فجأة...

وأكمل قائلا:

- لن أقف مكتوف الأيدي بينما أرى والدي يُساق الحتفه، وأنت -

غارقة بدموعك هكذا ...

صفعته والدته على خده - تلك الصفعة التي ما زال يشعر بأثرها حتى هذه اللحظة وهو يسير في الردهات الواسعة للقصر متجها نحو قاعة

الملك - ثم قالت له حينها بنبرة حنونة معاتبة:

- لا أريد أن أسمع منك شيئًا مماثلاً وإلا غضبت عليك أتفهم؟!

وأضافت وهي تنظر لابنتها : - وهذا الكلام موجه لكِ أنتِ أيضًا.. والدكما مذنب وقد حكم

عليه وانتهى الأمر ...

لم يكن طاغين يُحب أن ينظر إليه أحد - بمن فيهم أمه - وهو

منكسر؛ لذلك فإنه دفن وجهه بثيابها وقال بصوت مكتوم:

- نريد أن نذهب لساحة الإعدام يا أمي؛ فأبي يستحق منا أن نكون

معه في لحظاته الأخيرة أرجوك وافقي.. أرجوك...

قالت تاج مؤيدة:

-نريد أن نراه للمرة الأخيرة، أرجوك وافقي !!

رغم تظاهرها بالتسليم للحكم الصادر بحق زوجها إلا أن الدافع الحقيقي وراء ترددها في الذهاب لحضور الإعدام هو أنها لا تضمن بقاءها

على الحياد بعد أن ترى الجند وقد أعدموا زوجها ...

ولكنها في الوقت ذاته تعلم أن الحق مع طفليها؛ فزوجها يستحق منها بعد سنين الحب الطويلة أن تكون معه في لحظات حياته الأخيرة قالت

رواية الجساسة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن