في صباح اليوم التالي كان على العرافة سربيل أن تبدأ تدريب عاصف على استخدام حواسه الأخرى؛ ليكون قادرًا على القتال وهو كفيف
البصر ..
لذلك حين أفاق أخرجته للساحة الأمامية لكوخها وتعمدت أن تجعله يقف عاري الصدر أسفل الثلوج المتساقطة.. تربعت في الهواء وقد
كانت تحيط نفسها بهالة حمراء تقيها من البرد وقالت:
- أولئك الذين يطاردونك وينصبون فخاخهم لك في الطريق ويتمنون لك الأسوأ ليسوا هم أعداءك الأخطر يا ولدي.. أعداؤك الأخطر
يأتونك دائما من الداخل...
اقتربت منه ووضعت يدها فوق قلبه
- يأسك خوفك عدم ثقتك بنفسك تشاؤمك ذكرياتك السيئة، ترددك وكلمة لا أستطيع هؤلاء أعداؤك الأخطر.. هؤلاء من يجب
عليك أن تحذرهم..
قال بعد أن كاد جسده يتجمد لفرط البرد:
- أيتها العرافة أكاد أموت من البرد..
أكملت تقول وكأنها لم تستمع لما قاله:
- المحارب يُقاتل في جميع الظروف وسط الزلازل والطوفان.. وسط اللهيب والعتمة والإعصار؛ فأعداؤك يا ولدي لن يستأذنوك قبل الهجوم عليك، لن يختاروا أكثر الأوقات الملائمة لك ويقاتلوك
فيها ..
ثم تناولت بيدها عصا خشبية مدينة تكفي لإسقاط حصان بالغ لو أن أحدًا ضربه بقوة بها، ثبتت عند مقدمة العصا أجراسا صغيرة تصدر
صوتاً عند الحركة وقالت:
- أنصت لقرع الأجراس، وحاول أن تتفادى الضربة...
ثم وجهت إليه الضربة الأولى... استطاع عاصف أن يرصد صوت قرع الأجراس الصغيرة وهي تقترب منه، لكنه كان أقل خبرة من أن يُحدد مسارها بدقة فارتطمت العصا
المدينة بوجهه...
تسببت تلك الضربة بفتح جرح عند منتصف جبينه، لكن الدماء ما كادت أن تنثال منه حتى تجمدت مكانها لفرط برودة الطقس
قالت:
إن المحارب الحقيقي لا يتحرك بحاسة البصر بل يتحرك بكل
حواسه ..
وأضافت: سأكرر الضربة مرة أخرى، استعد..
توقع أن تكرر الضربة في المكان ذاته؛ لذلك فإنه غطى وجهه بيديه غير أنها سددت ضربتها هذه المرة تماما بين فخذيه فسقط مكانه يتلوى لشدة
الألم ...
استغلت العرافة سقوطه أرضًا وأخذت تسدد له بالعصا ضربات متتالية قوية في أماكن متفرقة من جسده... ولم تتوقف عن فعل ذلك إلا عندما نهض عاصف واقفا وقد اعتبر نفسه لفرط الغضب يقف أمام عدو حقيقي فتحولت عينه اليسرى للون الأحمر الداكن وطالت مخالبه وبرزت أنيابه...
صرخت عليه: لا تغضب !! ولكنه لم يُصغ لها وجعل يحوم حول نفسه يبحث عنها مثل نمر
يبحث عن طريقة للهروب من قفصه ...
صرخت عليه مرة ثانية : كُن هادئا !!
. كان يريدها أن تواصل حديثها معه كي يحدد موقعها من خلال
ترددات صوتها ويهاجمها فقال يستدرجها لمواصلة الحديث:
- كيف تريدين مني أن أهدأ؟!
أدركت ما كان يُفكر به فاقتربت منه بسرعة عالية وضربته بالعصا
المدينة على رأسه بقوة وصرخت عليه:
- أفكارك مكشوفة أيها الأحمق، أستطيع بسهولة قراءتها ..
أخذ يلكم بيديه الهواء من حوله معتقدا أنه يستطيع إذا ما استمر بفعل ذلك بسرعة وبطريقة عشوائية أن يُصيبها، ولكن العرافة كانت قد ابتعدت
عنه مسافة تضمن فيها البقاء آمنة:
- تعلم أن تضبط أعصابك، إنك بالغضب لن تؤذي إلا نفسك...
استطاع أخيرًا أن يحدد موقعها فركض نحوها كثور هائج لوح له أحدهم براية حمراء ولكنه حين وصل إليها استطاعت العرافة بسهولة أن تتفاداه فأكمل هو ركضه ولم يتوقف إلا عندما داس عن طريق الخطأ على
قشرة جليدية رقيقة لم تحتمل ثقله فتهشمت وسقط في الماء..
خرج من الماء بعد لحظات وتمدد فوق الجليد كبطريق وهو ينتفض بردا ويشعر أن العالم كله يدور في رأسه وأن أعدادًا لا نهائية من الدبابيس
المكهربة قد انغرست في جسده دفعة واحدة..
اقتربت العرافة منه وسألته:
- أأنت بخير ؟!
هز رأسه بعلامة "لا" بينما جسده ما زال ينتفض لشدة البرد، وبدلا من أن تأخذه فورًا للكوخ وتمنحه بعض الدفء والشراب الساخن فإنها
ضربت رأسه بالعصا الخشبية المدببة مجددا وصرخت عليه:
لقد قلت لك لا تغضب !!
حملته للكوخ ومذدته بجوار المدفأة بعد أن نزعت عنه ملابسه المبللة، ثم دست في فمه بضع ملاعق من الحليب الدافئ المخلوط بالريحان والعسل
وتركته هناك ليجف ويأخذ قسطا من الراحة ...
___________________________
لا تنسو الفولو 🥹؟!!
رح كمل وانزلها كاملة حبيتوها ؟💗
أنت تقرأ
رواية الجساسة
Fantasyقبل الآف السنين كان ثمة مملكة تدعى أبابيل يعيش فيها الجن والإنس جنبا إلى جنب وكأنهم مخلوقون من مادة واحدة .. ورغم ذلك إلا أن جنسًا منهم لم يفكر أبدا بالزواج من الجنس الآخر.. كان ذلك قبل أن تأذن السماء ذات يوم بلقاء الجنية جومانا بالإنسي بحر ويوحد ال...