5 الحلم

1.7K 72 1
                                    

لقد اشتعل قلبها حزنا وأكلت دودة اليأس عظامها حد أن نفحة يسيرة من الهواء كانت ستكون كفيلة بإسقاطها .. إنها المرة الأولى التي تدرك فيها أن هناك أوجاعا لفرط حرقتها فإن العين وإن اجتهدت لا تستطيع

بكائها ...

إنها تشعر بأن الحياة تظلمها بكل هذا الكم الهائل من التعاسة، وجعلت تتسائل في عمق نفسها عن الذنب الذي ربما تكون قد اقترفته يوما لتعاقبها السماء بكل هذه الخيبات المتتالية..

كانت الأفكار ترهقها والشك ينهشها من الداخل: هل طفلتها بخير أم أن وحشا من وحوش البحر التهمها ؟!.. وإذا كانت الوحوش لم تنتبه لها فهل ما زالت طفلتها تطفو على متن ذلك القارب الشراعي أم أن موجة

ملعونة غاشمة أغرقتها ؟! ...

ماذا عن زوجها.. هل قتل في المعركة؟!.. أم أنه استطاع بمعجزة ما أن ينجو منها.. هل هو بخير أم أن الجروح أنهكت جسده، وألحقت

الخسائر بروحه الأذى؟!

إنها أم؛ لذلك فإن مصيرها لم يكن يعنيها.. كل ما كانت تفكر به تلك اللحظة هو عائلتها.. لو كانت لديها أمنية واحدة محققة لتمنت أن يأخذ الرب أيامها ويهبها لطفلتها وزوجها ...

ورغم أن الأفكار والشك كانا يمنعانها من أخذ أنفاسها بشكل منتظم، إلا أنها لفرط الإرهاق أغمضت عينيها وهي بوضعية الجلوس تلك واستغرقت في النوم.. ورأت في الحلم فتاة تقترب منها ...

كانت فتاة جميلة يُحيط بها شيء يُشبه الغيمة، عيناها بندقيتا اللون ويفوح من جسدها رائحة ياسمينية فائحة .. ورغم أن سرابي كانت ترى

تلك الفتاة لأول مرة إلا أنها عرفتها :

- أنتِ جومانا والدة عاصف؛ إنك تماما مثل ما كان يصفك لي...

قالت لها جومانا:

يجب أن تفكري بطريقة للخروج من هنا يا سرابي..

لا أستطيع فكما ترين أنه سجن محكم الإغلاق ولا أملك وقتا كافيا

للهرب؛ طاغين سيقتلني غدًا..

طالما أنك حية، فإن الوقت ما زال مبكرًا على الاستسلام أو إعلان

الهزيمة ...

صمتت سرابي ولم تقل شيئًا، فأكملت جومانا كلامها : عندما التقاك عاصف أول مرة لمح فيك شيئًا ذكره بي؛ لذلك أحبك سريعًا .. لقد آمن في نفسه أن قربه منك سوف يعوضه عن فقدانه لي..

وأدركت سرابي في نفسها السر الذي جعل عاصف يقع في حبها بتلك السرعة؛ لقد أحبها لأنها جائت في التوقيت الذي كان هو يبحث فيه عن

شيء يعوضه فقدان غياب والدته..

أكملت جومانا لها:

عندما فقدني عاصف سابقًا فقد معي كل الأسباب التي تدفعه للبقاء حيا، ولكنه عندما التقاك وجد فيك أسبابا أخرى جديدة

تجعله يتمسك بهذه الحياة .. فلا تموتي وتتركيه...

هتفت بلهفة:

هل هو بخير ؟!

هزت جومانا رأسها مبتسمة وقالت:

وابنتك بخير أيضًا ...

وسرابي تكاد تطير من فرحتها :

أأنت واثقة مما تقولين؟!!

مدت جومانا لها يدها وقالت :

- أمسكي يدي سوف أريك شيئًا ...

- كيف أتي معك وأنا محبوسة هنا؟!

جسدك سيبقى روحك سوف تأتي معي..

**
وما أن أمسكت بيد جومانا حتى شعرت أن روحها تنفصل عن جسدها وتطفو نحو الأعلى كمنطاد يرتفع...

اخترقت بروحها قضبان القفص وسقيفة السجن ثم الطبقات الصخرية الصلبة لبنيان القصر .. وواصلت ارتفاعها إلى الأعلى حتى وصلت قبة

السماء وأصبحت أبابيل تحتها ...

سألت:

- أين سوف تأخذينني؟!

أجابتها :

- سوف تعرفين بعد قليل...
__________________________________
لقد انتهى هذا الجزء ٫ كيف ستنقذ نفسها سرابي وتهرب يا ترى؟؟
ادعموني بتعليق للتكملة!!!💫

رواية الجساسة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن