صباحًا وفي قمة الجبل حيث الكوخ العتيق الغاطسة أساساته في أكوام الثلج كان عاصف يجلس بالقرب من المدفأة والعرافة سربيل تجلس
متربعة أمامه:
- ما الذي تشعر به في هذه اللحظة؟!
يائس أيتها العرافة .. ممزق محطم وكتيب وكأن أحزان العالم كلها اختارت أن تبني لها أعشاشا في صدري وتسكنه للأبد...
- ماذا أيضا ؟!
-
- تكلم..
- وبماذا سيفيد الكلام ؟!
- سيخفف حرائقك؛ فالكلام الذي تخبئه يحرقنا من الداخل...
لكنه لا يُعيد لنا الذين رحلوا .. أليس كذلك؟! -
..
ثم قال حين طال صمتها ولم تجب عليه: - أيتها العرافة إنه من الأدب أن نلتزم الصمت، عندما نعلم جيدا أن الكلام لن يفيد بشيء...
وأضاف بعد لحظات من الصمت المتبادل: الذين حاولوا أن يخففوا عنا وقالوا بأن كل . شيء سيمضي ... لم يقولوا لنا إن هناك أشياء ستبقى عالقة فينا للأبد، وأشياء لن تمضي قبل أن تقتل بداخلنا كل الذرائع التي كنا نحيا من أجلها ...
وأردف معترفا : - أنا لم أطمح يوما بالملك.. كل ما كنت أحلم به هو منزل صغير منسي أعيش فيه مع زوجتي وطفلتي، وأستيقظ فيه كل صباح على رائحة الحليب والخبز ونقرات المطر وهو يطرق زجاج نافذتي...
ثم تنهد وهو يضيف : - ولكن يبدو أن هذه الحياة يلذ لها أن تطحن قلوب الطيبين أمثالنا،
وتبعثر أحلامهم البسيطة..
ر فالحب
قالت العرافة:
- في هذه الحياة ستواجه الكثير من المعارك اليومية ولكن معركتك الأهم
ستكون تلك التي تخوضها مع ذاتك؛ لتبقي فيها قلبك سليما وسط
كل الدمار الذي يحدث من حولك...
صمتت قليلا ولكن بدا أن كلامها لم ينته بعد فقالت:
- أحزانك يا ولدي..
- ما بها ؟!
- إنها عورتك ويجب عليك أن تسترها ولا تكشفها لأحد...
- حتى لأصدقائي ؟!
- نعم؛ فأنت لا تعلم متى يخونك القدر ويقلب أصدقاءك أعداء...
ثم أردفت تقول:
- . يجب أن تتعلم كيف تُخفي أحزانك عن الجميع؛ لأن كل الذين حولك لديهم أحزانهم الخاصة ولا يملكون السعة الكافية لاحتواء حزن لا يخصهم.. الذين يرونك كل يوم يا ولدي يجب ألا يعرفوا شيئًا عن حقيقتك يجب ألا يروا وجهك كيف يكون حين تسقط عنه كل الأقنعة وتنكشف ملامحه الحقيقية...
أنت تقرأ
رواية الجساسة
Viễn tưởngقبل الآف السنين كان ثمة مملكة تدعى أبابيل يعيش فيها الجن والإنس جنبا إلى جنب وكأنهم مخلوقون من مادة واحدة .. ورغم ذلك إلا أن جنسًا منهم لم يفكر أبدا بالزواج من الجنس الآخر.. كان ذلك قبل أن تأذن السماء ذات يوم بلقاء الجنية جومانا بالإنسي بحر ويوحد ال...