الحلقة الثالثة

302 92 349
                                    

فراشـة بولنـدا
       الكاتب: بهـاء الاسـدي
انستگرام/ b.aa90


البـدايـــة
⊱━━━━⊰✾⊱━━━━⊰


المكتبة

في تلك اللحظة لم نستطع ملاحظة اسم المكتبة بسبب سرعة الدخول من الباب، لكنها كانت مكتبة ضخمة وجميلة، رائحة الكتب تملئ المكان. إنها أكبر مكتبات المدينة في ذلك الزمان، ومن ركن إلى آخر، كانت السعادة والمرح يملآن الأجواء. من كتاب إلى آخر، كانت تتنقل «تالا» و«لاسي» كل متيمة بعالم الروايات والقصص. «تالا» تجد روحها في روايات الحب والعلاقات الأسرية، تغوص في النصوص و الخواطر، تستلهم من الأدب وتسعى للتنمية البشرية وتطوير الذات. أما «لاسي» فهي تعشق عوالم الخيال، تتأمل في المذكرات والسير الذاتية، تستغرق في كتب الفلسفة والمنطق، وتتلذذ بالمسرحيات والفنون. لكل منهما رواية تعكس هوايتها وتطلعاتها، تتبعانها حسب المزاج النفسي والفكري، ومع اكتمال البحث والإثارة، تتجدد متعة التساؤل والاندهاش.

تقف «تالا» أمام رفوف المكتبة، نظرت إليها بعينين لامعتين وهي تقول:
_أتمنى الحصول على جميع الكتب في هذه المكتبة. ينتابني الفضول حول عقول البشر وما يدور في أذهانهم من أقوال وقصص وروايات، والجانب الفكري والعاطفي."

كانت تتحدث وكأنها تستدعي قوة غامضة تجذبها نحو صفحات الكتب، تابعت حديثها باندفاع:
_أريد أن أفهم كيف يفكر الناس، كيف يعبرون عن مشاعرهم وأفكارهم، وكيف ينسجون خيوط قصصهم."

كانت «لاسي» تستمع إليها بإعجاب، ثم قالت:
_الكتب ليست مجرد أوراق مجمعة، يا تالا إنها نوافذ تطل على أرواح البشر، وأحياناً، عندما نقرأ، نجد أنفسنا في تلك الصفحات، نجد صدى لأفكارنا ومشاعرنا."

ردت «تالا» بنبرة حماسية:
_بالتأكيد، كل كتاب هو تجربة فريدة، وقراءة كل واحد منها تشبه رحلة جديدة إلى عوالم مختلفة."

أجابتها «لاسي» بابتسامة دافئة:
_هذا صحيح، القراءة توسع الآفاق وتثري الروح. لكن لا تنسي أن تعيشي تجربتك الخاصة أيضاً، فإن لكل منا قصة تستحق أن تكتب."

«تالا» نظرت إلى «لاسي» بامتنان، ثم قالت:
_ربما في يوم من الأيام، سأكتب قصتي أيضاً. ولكن حتى ذلك الحين، سأواصل اكتشاف عوالم الآخرين من خلال كتبهم."

هزت «لاسي» رأسها موافقة وقالت:
_وأنا واثقة أن قصتك ستكون من أجمل القصص."

تنظر «لاسي» إلى تالا بابتسامة وهي تقول:
_لنخرج من المكتبة قبل أن تستولي على جميع الكتب."

ابتسمت «تالا» وهي تتوجه نحو الباب الخارجي:
_حسناً، ما تقولي صحيح. هيا بنا."

حتى خروجهم من المكتبة، والضحك يتردد بينهما كأنما ينسج خيوط الصداقة ما بين الارواح. خرجا إلى الشارع.

فراشة بولنداحيث تعيش القصص. اكتشف الآن