و بمجرد أن دلف تأني و تأكد من إغلاق الغرفة ذات الاثاث الهادئ الكلاسيكي و من الواضح أن تصميمه قديم قليلاً لكن مازال محتفظ برونقه ... تفحص اركان تلك الغرفة بنظرات تحمل الكثير من المعاني .. كانت تلك هيَ الغرفة التي ينام فيها والده و والدته سابقاً ... كان يشعر بحزن شديد و قد داهمته ذكريات عدة ..و بالرغم من أن سؤال صهيب كان عفوي إلا أنه اخرج من داخله مشاعر كثيرة قد جاهد هوَ ل تخطيها .. تذكر يوم وفاة والده .. اليوم الذي مر عليه قرابة الست سنوات و مازال يتذكر تفاصيله و كأنها البارحة .. شعوره في هذا اليوم قد عاد له الان .. تذكر اليوم الأول في حياته الذي بكي فيه أمام الناس .. لم يكن مجرد والده بل كان صديقه و اخيه .. كان والده و والدته اغلي من لديه لدرجة أنه كان يحبهم أكثر من نفسه .. و هل يُبتلي الإنسان إلا في من يحب ؟! .. أصدر تنهيدة طويلة و قد بدأت دموعه بالنزول علي وجنتيه بصمت ... لم تكن من عادته البكاء أو الضعف .. إلا أنه كان دائماً يختلف الأمر إذا تعلق بوالده و والدته .. تذكر اليوم الأول الذي شرب فيه قهوة سادة في عزاء والده .. كان طعمها مرّ بشدة إلا أنه قرر أنه لن يشرب غيرها منذ ذلك الوقت ..
فتح خزانة الملابس .. نظر قليلاً لملابسهم التي لم يجرؤ علي التبرع بها حتى .. ثم سحب من أسفل الخزانة صندوق كبير قليلاً ..
أخذه و جلس علي السرير و فتحه .. كان مليئ بالصور .. مرتبة و يمكن أن تزيد عن ألف صورة لكثرتهم .. امسك ب أول مجموعة .. تنهد و بدأ يتذكر حينها .. كانت تلك الصورة و هوَ ف الثامنة عشر من عمره .. الامتحان الاول له في امتحانات الثانوية العامة و كانت معه والدته ممسكة بالكاميرا في تلك الصورة .. كانت تعشق التصوير بشدة و اشترت كاميرا فقط ل تصور لحظاتها السعيدة .. و الان .. تركته و تركت معه تلك الصور لتعيده الي نقطة الصفر كلما ظن أنه قد يستطيع تخطيهم .. ظل يفر ف الصور .. إحداهما كانت و هو محتضن والدته .. أخرى كان جالس بجانب والده يشاهدون أحد المباريات .. و بعد مدة من الفر في الصور و التي كان يتذكر كل لحظة فيها بمجرد رؤية الصورة .. وضع صورة كانت في يده علي السرير .. و رفع رأسه للسقف و دون احساس منه كانت دموعه تنهمل علي وجنتيه .. هو يكره البكاء و يراه ضعف .. إلا أنه ف الحقيقة بالفعل ضعيف بدونهم .. كان بداخله يسخر من نفسه .. أهو اقترب علي الرابعة و الثلاثين من عمره و يبكي الان لانه كان بحاجة لوجود والده أو والدته معه ؟! .. لكن لا علاقة بالسن إذا تعلق الأمر بحاجته لعائلته ...
و بعدها تذكر يوم وفاة والدته .. بكى و كأن هذا اليوم كان البارحة لا من أكثر من خمس سنوات .. اليوم الذي احس فيه أن ظهره قد كسر .. و اصبح من بعده وحيداً .. تماماً ..
هو يحب المجئ لهذه الشقة إلا أن شعور الضيق الذي يشعر به بمجرد أن يدخل هذه الغرفة هو أضعف من تحمله .. و بالرغم من قوته الجسمانية إلا أنه لا قوة له في مواجهة مشاعره ..
أنت تقرأ
″ فِـي اَلْغُـــرْبــَةِ ″★
Romanceهَلْ تُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ ؟! ، رَدِّي أَنَا عَلَى هَذَا اَلسُّؤَالِ أَنَّ اَلْقَدَرَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ .. وَأُؤْمِنُ بـ أَنَّ اَلْأَقْدَارَ يُمْكِنُ أَنْ تَجْعَلَ اِثْنَانِ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ بِحَيَاةٍ مُخْتَلِفَةٍ يَجْتَمِعُوا فِي مَكَان...