" جعل عبدك بما يكسب صبورٍ قنوع
لايحـرم الجيـاع ولا يحسـد الشبـاع "
——————︎ڤلة صبر آل جراح ⇘
وقفت أقدامه أمام بُـوابة البيّـت ؛ وجهه مايّل للسُواد ؛ عيُونه تحكّي تعب السنين وكدرها ؛ نُواف كَان يشبه البحَر صدره يهّوج وظاهره ساكِن ؛ تساوت الدنّيـا بعينه ؛ واسترجعت ذكَراه كُل المَراجع ؛ ذكَر دلعه لهَـا ؛ وهدايّـاه لها ؛ وكَيف كان يشُوف أخطاءها صُواب ؛ كَان راضِي بالنقص منّها ويغنيّه عن كمالها.
دخل غُرفته ودارت انظاره على الغُرفة ؛ هيّا هيّا على حَالها ؛ العطُـورات على التسريحة ؛ العبايات على الشمّاعة ؛ وأغلب ملابسها مرميّة بإهمال ؛ اجتاحته الكتمة بـ صدره ؛ واشتعل قلبّه بنيّـرانه ؛ يشعر بأنه وطى الجمّر الحيّ ؛ فتح ازايره العلوية وهُو يستنشق ويتمنى لو ان الهوى يُوصل لصدره.
الله اكبر الله اكبر
لا اله الا الله
رفع راسه للشُباك وتصُوبت عيُونه على المسجَد ؛ اكتفى بإنه يتنهد بضيق ويفتح باقي ازاريره وهُو يرمّي ملابسه على الأرض ويدخل يستحمّ وبعد خمس دقائق خرج من البيت لابس ثوبه ومتجّه الى المسجد.
جاَلـس بأول صفّ ؛ اتجه رأسه الى اليمين وهُو ينطق بهمس : السلام عليكم ورحمة الله
واتجه للجهة اليُسرى وهو ينطق : السلام عليكم ورحمة الله
اعتدل في جلسته وهُو يردد أذكاره ويستغفر ربه.
بدأت الناس بالخُروج من المسجد ؛ رفع يديّـه وهلّت دُموع عيّـنه من شُعور أصبح يقتلّـه وهُو يتخيل سيناريُوهات في مُخيّلته ؛ انّـهد حيّله نُواف واغمض عيّـنه وهُو ينطق بهمس : يالله ياكَريم يارازق مريَم بطفل دُون أب ؛ يا مُنقـذ يُونس من بطن الحُوت ؛ يارازق الطّير ؛ يالله انا عبَـدك يالله انا غصن بصدري لو لمسته وقع ؛ يارب ارسل لي من الغمايم ما يبلّه وأعيش ؛ يارب الأبواب كثيره بس انا عايف ؛ زاهدٍ من النّـاس وإيماني على بابك ، ياخالق الطيّـر انا صدري قفص طيّر هُمومي مثلها.
اغمضَ عيُونه من شدة ضيّقة قلبّـه ؛ بَـلع ريقه وغصتّـه ونطق بتنهيّـده يحاول يفرغ فيَـها مشاعره : ياجبّـار اجبر لي كسّري.
فتح القُران ويتنقل بين صفحاته و فتح على سُورة يُوسف وبدأ يقَرأ ويرتّل آيات الله الكَريمّة.
بعد دقايق انتهى من القَراءةَ وخَرج من المسَجد.
اخذ جُواله وهو يتَصل على مَحاميّ العائلةَ وطَلب منّه لقاء بعد نُصف سَاعة فِي مَكتبه.⇙︎ مكَـتب المُحامَـاة للمُحامي : صُهيّـب الجسّار ⇘
دَخل نُواف وهُو ينطَـق بكُل هيبّة وقُـوة ؛ السلام عليُكم
وقف صُهيّـب ببتسامة : اهلاً وسـهلاً وعليُكم السلام
جلس نُواف ونطَق : شُوف صُهيب ابي اتطلق سو الإجراءات وانا جاهز
كعادة صُهيب انه مايسأل وهو يعتبر صُندوق العائلة : امر تبشر الأن ابدا اسوي الإجراءات لكن بعد اذنك يتطلب توقيع وموافقة من زوجتك.
وقف نُواف وهو ينطق بالامبلاة : ماهي مُشكلة تحصّلها بالسجن ومايحتاج اقولك ان ما ابي مُخلوق واحد يعرف عن هذا الموضوع سامع
لبس نظاراته واتجه للباب لكِن سُرعان ما التفت وهُو ينطق : ايه صح في حال انها بتطالب في بنتها قول لها تدّل المحاكم وهي تعَرف وش الي عندي !؟...
خَرج وهُو يتنفّـس الصُعداء مرّ على كُوفي وهُو ناوي يتقهوى فيّه وينسَـى الدنيّا.
فتح الباب واستغَرب من الصُوت العَالي ؛ همَس لاشُعوري : يالله صباح خير
عقد حاجبه من البنَت الي شايلة كرتون وامّها بجانبها وتصارخ عليّـها : فاضيّـة انتِ ؟ انتِ بعقلك شيء ؟ قسم قسم يارواء لو ماتعدلتّي ان تشُوفين شيء مايسّرك ؟ قهوة بـ ٢٣ ريّـال ليه ؟ جيبيها وفطرّي اخُوك فيها.
ردت رواء الي واضح انها منحرجة من صُوت امها العالي نطقت : يمّه شفيك ترا كلّها قهوة وبعدين اخوي يدبر نفسه تبيني احرم عُمري عشَانه؟
صرخت والدتها بُصوت عالي وهِي تنطق : احرمَت عليك عيشتك
يوم مَـعاَك فلُوس وتنثّيرنها يميّن وشمَال ورى ما تعطيني اياها
جايبتني هنا عشان قهوة انقلعي قدامي اشوف
توسعت عيُون رواء وهِي تشُوف امّها تسحبّـها بشدة وقدام الناس : يّمه اتركيني وش فيّك ؟ ماني بزر يوم تسحبيني كذا ؟
طاح منها الكرتون ودمعت عيُونها من لحظة سماعها لدعوة امّها : الله يطيّح حظك
عضّت على شفتها السُفلية بـ ألم وتمَالك للنفّس وانحنت تشيّل الأغراض الي طاحت من الكُرتون.
وامها واقفة فُوق راسها ؛ بـ هاللحظة نُواف استلم طَلبه ونظّـره مانزل عنُهم ومو بس هو كُل الي في الكوفي من عاملين وعاملات.
اتركتها امّها ومشت من قدامهَا متجاهلة تماماً دمُوع بنتَـها الوحيدة.
اوقفت وهِي تعدل مَسكة الكُرتون وتمسح دمُوعها الي بللت نقابها.
تقدم نُواف واصبح بجانبها وعيُونه مَصوبة عليها ؛ سمَع شهقتها ولاشعوريّاً منه تقدم لها وحط القهوة على الكُرتون ومشى تاركها خلفّه ركَب سيارته وهُو ينتظرَها تطلع ؛ بثُواني انفتح الباب وخرجت وبيدّها القهوة لاشعُورياً ابتسم بفرحة وانتبه انها تلتفت يميَن وشَمال وأيقن انها تدوّره نطق بهمس : عسى الله يرزقك ويعينّك
شّغل سيارته ومشى لبيته.
أنت تقرأ
رواية أاياَّ قلبٍ أخذ قيصرّ شمالكِ والجنوب أحتلهّا كِسرى
Romanceأول روايتِي ؛ لا اريد حَرق شُعلة الحمَاسة التِي تقطن فِي أعينُكم ولكَن ... روايتي تتحدّث عن إبن من الطبقَـة المُخمليّـة ؛ إبن الدبلُومَـاسي وصاحَب منصَب العقيّـد البحري رغُم سن سنّه ، يدخل الشكوك فِي قلبه بحَادثة وفاة زوجته وإبنتَـه... .... آلابن ا...