الفصل الثالث والعشرونأسيل
"أنت تكذب."
اقترب مني بعينين تنفثان النار مثلي تماماً وهو يقول:" يا لوقاحتك أسيل .. تُكذبين والدك."
"ولم لا؟؟ فكل الصفات السيئة مجتمعة فيك فهل ستستغني عن الكذب حتى لا تحقق أهدافك؟؟"
بقي يحدق إلي بصمت وألم حقيقي تجلى في عينيه لم أريد أبداً أن أحدق إلى عينيه حتى لا أتأثر بألمهما مع إنني لم أكن أعرف لما شخص ظالم مثله يمكنه أن يشعر بالألم؟؟
تكلم أخيراً بعد صمت طويل:" أنا لا أعرف لم أحاول أن أقنعك بحقيقة أنت تصرين على إغماض عينيك عن رؤيتها .. فطوال سنوات وأنت ترفضين أي تقرب مني وعندما فعلت أخيراً حولت حياتي إلى جحيم أكثر مما كانت عليه .. لقد كنت محقاً عندما فضلت ألا أخبرك شيئاً عن حقيقة والدتك في الماضي لأنك ما كنت لتصدقيني .. لقد زرعتْ فيك الحقد والكراهية منذ نعومة أظافرك لذلك أنت فتاة ميئوس منها."
"أنت..."
لم أكمل كلمتي تلك لأنه رحل من أمامي قبل أن أجد الكلمات المناسبة التي تصف ظلمه لوالدتي و لي .. خرج من البيت بخطوات سريعة غاضبة .. لم أجفل لصوت الباب الحاد الذي دوى في أرجاء البيت بعد أن أغلقه بعنف بل بقيت أنظر أمامي كالصنم الذي لا يشعر أو يحس بكل ما يدور من حوله .. كنت فقط أحاول أن أستوعب ما حصل قبل دقائق .. أحاول أن أفهم كلماته التي تدفقت إلى رأسي بسرعة مجنونة و كأنني لم أكن أستمع له قبل قليل وغضبي منه كان يسد أذني عن سماع كلامه وفهمه .. شيئاً فشيئاً بدأت أفهم كل كلمة قالها والمعنى المراد منها .. يا إلهي .. لقد إتهم والدتي بالأنانية .. إتهمها و برأ والديه من جريمة نكرانهم لي وعدم بذلهم لأي مجهود لكي يتعرفوا إلي منذ صغري .. لقد قال بأن والدتي كانت تمنعني من رؤيتهم .. غير معقول .. لا بل الذي لا أستطيع أن أصدقه هى كذبة أنه لم يتخلى عني .. كان يحاول رؤيتي على مدى سنوات أتذكر هذا جيداً و أنا التي كنت أرفض مقابلته بنفسي .. أجل أنا من كنت أرفض و ليس...
لم أستطع أن أكمل أكثر من ذلك و ذكرى قوية عصفت بي .. خارت قواي فجأة فجلست على الأرض بوهن أفكر في ذلك اليوم الذي مرت عليه سنين طويلة...
"أسيل ابنتي الصغيرة عثمان في الخارج."
بلهفة قلت: "أبي؟؟"
مطت شفتيها بعدم رضى وهي تجيبني:" أجل إنه والدك .. والدك الذي تركنا لوحدنا نحارب أنا وأنت قسوة الحياة فقط لأنه فضل أختك حسناء عليك."
كززت على أسناني الصغيرة حينها بشكل لا يشبه الصغار أبداً بينما والدتي أكملت برقة ورجاء في نبرة صوتها:" لا تغضبي عزيزتي .. كل ما يهم الآن ألا ندعه يدخل إلى حياتنا من جديد حتى لا يحطمها .. لقد أتى بقرار من المحكمة يرغمني به على تركك تقابلينه لذلك لم أعد أستطيع منعه من رؤيتك وبهذا يجب عليك أن تقومي بهذا بنفسك حبيبتي الصغيرة .. عليك أن تخرجي له الآن وتخبريه بأنك لا ترغبين في رؤيته أبداً وبأنه فقط بإصراره هذا يتسبب لنا بالمزيد من المشاكل."
![](https://img.wattpad.com/cover/311863371-288-k689492.jpg)
أنت تقرأ
مذكرات مغتربات(مكتملة)
Romanceرواية بقلم المبدعة maroska حقوق الملكية محفوظة للمتألقة maroska