الفصل الثامن والعشرون
اسيل
أغمضت عيني في سلام داخلي بدأت اتعلم الشعور به مآخرا .. كم هو جميل هذا الشعور .. دافئ وناعم .. كم اشتقت لدفء وللهدوء...
"اليوم جميل جدا اسيل.. انه اول ايام الربيع."
فتحت عيني ببطء وانا ابتسم بهدوء انظر الى الممرضة التي كانت تنظر الى زجاج النافذة المطلة على حديقة المصحة .. والشمس تشرق لكي تجعل الاشجار والعشب الاخضر يتلألأ تحت نورها المشع .. قلت بهدوء:" صحيح يانا هذا اليوم جميل جدا .. حتى انني أحس براحة كبيرة ورغبة في التنزه في الحديقة."
"حسنا فلتتناول دوائك لأنه موعده وعندها سأخبرك بالمفاجئة التي اخفيتها عنك منذ البارحة."
نظرت اليها من جديد وانا امسك بحبة الدواء من يدها وكوب الماء .. ابتلعتها بسرعة وبعدها شربت كل الماء الذي كان في الكوب مرة واحدة قبل ان اعيده اليها قائلة بابتسامة سخرية:" يانا .. انا لم اعد تلك المريضة العنيدة التي ترفض اخذ دوائها احيانا .. تعرفين بانني اصبحت مطيعة جدا بدون محاولة اغرائي بالمفاجئات كما يفعلون مع الاطفال."
قالت وهي تزم شفتيها بعدم رضى عن كلامي:" اولا اسيل انت لست مريضة .. انت انسانة كانت تمر بمشكلة كبيرة وهي الان تحاول الخروج من تلك المشكلة وثانيا انت لا تطيعننا بل تطيعين نفسك التي تطالبك بانقاذها .. انها رغبتك اسيل بان تعيشي حياة طبيعية ككل الناس وليس حياة تقتلها المخدرات ببطء."
اشحت بوجهي عنها لكي انظر ثانية الى الحديقة عبر النافذة .. كلامها صحيح .. انا الان ارغب بكل قوتي الشفاء من المخدرات كما انني اريد ايضا التخلص من اسيل القديمة بكل شيء فيها حتى من حبها المستحيل.
"هل تبحثين عن صديقتك؟؟ انها غير موجودة لقد سُمح لها بمغادرة المستشفى ليوم واحد حتى تحضر زفاف ابنتها."
"انها ليست صديقتي يانا .. انا فقط تعرفت عليها عندما جلست بجانبها في الحديقة وتجاذبنا حديثا عاديا لا غير .. انا حتى لا اعرف قصتها التي اوصلتها للإدمان .. لكنني سعيدة لأنها تحضر حفل زفاف ابنتها.. انها امرأة حزينة طوال الوقت وتستحق الشعور بالسعادة."
"وانت ايضا تستحقين الشعور بالسعادة .. الا تريدين معرفة المفاجئة؟"
"حسنا اخبريني بها."
كورت شفتيها اللتان تلمعان بملمع شفاه رقيق وهي تقول:" مع انك لا تبدين متحمسة للمفاجئة لكنني سأخبرك بها."
قلت لها احثها على الحديث:" هيا قولي."
كانت تحرك حاجبيها صعودا ونزولا بطريقة مضحكة وهي تقول:" لقد مرت الفترة الصعبة اخيرا وصدر قرار البارحة بالسماح لك بتلقي الزيارات وهو لم يصدق الامر حتى كان اول واحد يصل الى المصحة في الصباح عند وقت الزيارة."
أنت تقرأ
مذكرات مغتربات(مكتملة)
Romansرواية بقلم المبدعة maroska حقوق الملكية محفوظة للمتألقة maroska