الفصل الخامس والاربعون والاخير
حسناء
ابتسمت للشمس مع أني كنت أضيق عيني أثناء نظري لها .. و كنت ما أزال في مكاني مستلقية على الزليج المزركش البارد .. صوت الماء و هو يجري في النافورة الصغيرة في وسط الدار كان يصل لمسامعي بوضوح .. نبضات قلب ابنتي الهادئة و هي نائمة في مهدها بغرفتي .. كانت هي الأخرى أشعر بها من مكاني .. الروائح التي تنبع من المطبخ كانت تسيل لعابي .. و سعادتي كانت تزداد و أنا أسمع دانييل في صالة البيت لا يكف عن طرح أسئلته على جدي حول الدين الإسلامي حتى يضاعف من معلوماته عن دينه.
وفي ظل تأملاتي تلك بكل حواسي .. تقلبت على جنبي الثاني استلقي عليه و أرفع رأسي لأسنده بكفي كي أمسك القلم بابتسامة واسعة و أبدا الكتابة في مذكراتي كما كنت أفعل دوما في المكان المحبب لي منذ صغري
"إنها الحرية مذكرتي .. ما أجملها !!.. أدركت يا مذكرتي العزيزة أن الإنسان لا يقدر نعم الله عليه إلا عندما يفقدها.""حمدا لله يا مذكرتي لأني الآن خارج قضبان السجن و في أحضان بلدي و عائلتي .. كما أني ممتنة بكل صراحة للمرأتين اللتين أكملتا إثبات كل الدلائل التي تشير إلى براءتي .. أجل مذكرتي و من غيرهما .. إيمان زوجة رشيد ، و سلفيا.
تعرفين يا مذكرتي كم استغربت حين أتى أبي بإيمان للمحكمة كشاهدة في صفي و كم كانت مفاجأتي كبيرة و هي تخبر القاضي و هيئة المحلفون و جميع الحضور أن رشيد شخصية مريضة عنيفة و قادر على فعل أي شيء من أجل تحقيق أهدافه المجنونة .. آلمني عندما سمعتها تخبرهم عن ضربه لها هي الأخرى وعن محاولته لضرب طفلها الذي ما يزال رضيعا .. و كيف أنها اكتشفت من خلال تصرفاته المريبة أنه قد تورط في أعمال مشبوهة مع جماعة خطيرة .. كيف أخبرتهم عن لحظات غضبه و تهديده لها بالقتل .. ذلك ساعد الجميع في معرفة حقيقة شخصية رشيد.
و الشاهدة الأخرى كانت هي أم دانييل الذي سافر ابنها بنفسه إلى المانيا و أتى بها .. لا أعرف إن كان قد توسلها أم لا .. لأنه لم يحب التحدث عن أمرها مجددا لكنه شكرها في المحكمة على قدومها قبل أن ترحل و لم نراها منذ ذلك الوقت .. شهادتها كانت قوية و لذلك جعلتني رغما عني أشعر بالامتنان لها مع أنها تسببت لي في الكثير من الألم و الخوف من قبل .. لكنها اعترفت بالحقيقة في المحكمة .. كيف أنها وجدت رشيد يمسك بي و يهددني عند الحمامات في السوق المركزي .. كيف أنني كنت خائفة منه .. و في الحقيقة أنها أثارت غضبي أيضا لأنني كنت أظنها فعلا تعتبرني خائنة لأنها لم ترى من تصرفات رشيد معي سوى خيانة زوجية و ليس تهديد و تخويفا لي .. بينما هي كانت تعلم حقيقة رشيد لكنها ادعت العكس حتى تهددني و أكون لعبة في يدها تستخدمها من أجل مصالحها و حتى تتسلى بها أيضا."
"اااه يا مذكرتي لحظة إعلان برائتي لا يمكنني أن أنساها أبدا .. فيكفيني أني تعذبت كثيرا حتى أتقبل نفسي بعد أن قتلت رشيد و بعدما بدأت أسامح نفسي على ما فعلته لأني دافعت عن حياتي و حياة ابنتي ، جاءت المحكمة كي تطالب بسجني حتى تتأكد من براءتي .. كان مؤلما .. و لكني و لأول مرة لم أستسلم و أعد بخطواتي للوراء كما كنت أفعل دوما .. لقد اكشتفت يا مذكرتي أني أفسدت حياتي كثيرا بيدي .. و أعدك بأني لن أفسدها أكثر من هذا."
أنت تقرأ
مذكرات مغتربات(مكتملة)
Romansaرواية بقلم المبدعة maroska حقوق الملكية محفوظة للمتألقة maroska