الفصل الأول

2.9K 147 41
                                    

" إذا أحببت شيئًا بشدة، لا تُطلق سراحه، ولا تُمهل له فرصة للإبتعاد، أطبق على أنفاسه فهو لك "

              *********************

لطالما أجبرتنا الحياة على الزحف إلى طرق مجهولة، مُظلمة، مُوحشة لم نختارها بإرادتنا.

يبدأ الأمر أولاً بعرض إختيارين للطرق التي من المفترض أن نسلكها، أما بين ما نبغضه ونعلم ونرى الاشواك تبرز من سيقانه كالتي في الورود، أو بين ما نجهله ونجهل وحشته، والمؤسف أننا غالباً ما نقوم بإختيار المجهول آملين أن نُنصف ولو لمرة واحدة فقط في حياتنا.

كل هذه الأفكار وأكثر كانت تدور برأسها هي فقط، ضاقت بها الحياة ولم تجد المفر.

لطالما ظن الجميع أنها فتاة محظوظة ويحسدونها على ثراء عائلتها وحياتها المرفهة لأبعد الحدود، ولا يعلمون أن السعادة لا تُبنى على أموال فقط، فهناك أشياء لا تشترى بأموال العالم كله.

أشياء ليست نابعة من ماكينات صرافة وخلافه، بل تنبع من قلوب رحيمة لينة لا يمتلكها الكثيرون بذلك الزمان.

قادت سيارتها وعقلها مُغيب بماضي أليم، كلما حاولت الهروب منه، أتاها يضحك على سذاجتها، فالهروب منه ليس بهذه السهولة.

حبيسة بعالم آخر، عالم قرر والدها أن يحصرها بهِ، مُخيرة بين زواجها من ذراع أبيها اليمين كما يطلق عليه بشركته، إما مقاطعتها وسفرها بأي بلد أجنبي تستكمل دراستها كما فعل مع شقيقها الوحيد الذي جعله يتزوج بفتاة أجنبية لينال الجنسية مثلها، وتبًا لسعادته وريعان شبابه الضائع هناك.

يريد أن يكرر نفس الخطأ معها هي ايضًا، ويتحكم بعمرها مثلما يفعل بالجميع يحركهم كأليات حديدية لا روح بها ولا حياة.

رن جرس هاتفها ليقطع شرودها، لترى اسم المتصل "رنا" يضئ شاشة الهاتف، فقامت بالرد عليها بعدما فتحت مكبر الصوت مركزة بطريقها:-

_أي يا رنا؟

لتهتف رنا بقلق:-
_غالية أنتي فين؟ مامتك لسه مكلماني وقالتلي أن حصل مشكلة تاني بينك وبين باباكي وسبتي البيت ومشيتي.

تنهدت بتعب مجيبة:-
_انا جيالك كده كده مش لاقية مكان اروحه واعصابي تعبانة.

حاولت رنا أن تهون عليها بطريقتها الخاصة، فهي صديقتها المقربة برغم إختلاف الطبقات الإجتماعية بينهم، إلا أن غالية لم تجد ونيسة أفضل منها تفهمها وتلملم شتات أحزانها.

قد تعرفت غالية على رنا بأحد الأيام صدفة عندما جاءت رنا تتوسل أبيها أن يسامح أخيها على غيابه من العمل لظروف صحية قد أصابته، وبذلك اليوم رأتها غالية وتعرفت عليها ووعدتها أنها تقنع أبيها بعودة أخيها للعمل.

ضد الرجالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن