أنظر لهذا المكان الفارغ بقلبها؛ إنه مكانك.
لقد أخذت أكبر من قيمتك أيها الحقير.
***************
في الأيام الماضية كلها لم يستطع السيد الطهطاوي أن يتخطى ما أخبره بهِ "عم سلام" سكرتير مكتبه، عندما اعترف أنه قد رأى مروان إبنه يخرج من غرفة مكتب الجيزاوي ومن بعدها قد اختفى ملف القضية، وعندما سأله وهو يدلف للمكتب :
_كنت عايز حاجة من مكتب الجيزاوي يا مروان بيه؟أجابه بتهكم :
_وانت مالك أنت، هتحاسبني في مكاني ولا إيه! روح اعملي شاي أخلص.وبرغم كبر سن "عم سلام" إلا أن مروان لا يفرق بين كبير أو صغير، ويتملك منه الغرور بسبب مستوى والده في الوسط القضائي.
ومنذ تلك الليلة لم يهدأ عقل السيد الطهطاوي بأحوال ابناؤه، حيث تعمد تفتيش غرفة مكتب مروان في عمله، لكنه لم يجد أي دليل يثبت أنه مَن قام بسرقة الملف.
وبعد مرور أكثر من الأسبوع تقريبًا، قرر أن يلجأ لحيله أخيرة؛ وهي أن يحاول استدراج مروان في الحديث ربما يجد في حديثه ما يثبت شكوكه.
أستغل يوم الاجازة ووجود مروان بالمنزل، ثم ولج لغرفته بشكل مفاجئ، وجد مروان يجلس على الكرسي ممددًا قدميه فوق المكتب، وهو يُمسك بهاتفه والضحكات تملئُ الغرفة وهو يتحدث مع الطرف الآخر، لكنه أول ما لمح أباه، اعتدل سريعًا قائلًا :
_بابا.. اتفضل اتفضل.ثم خاطب الطرف الأخر على الهاتف :
_طب أقفل انت يا إسماعيل، هنتكلم بعدين.ثم قام بغلق الهاتف، مُتعجبًا وجود أبيه بغرفته، فهو لم يعتاد وجوده بالمنزل في الأساس.
جلس والده على الكرسي المقابل لمكتبه، ينقل بصره بأركان الغرفة قائلاً :
_يااااهه بقالي كتير مشوفتش اوضتك، دانت كمان غيرت الديكور.أبتسم مروان بتوتر، وهو يشعر بعدم راحة لتلك الزيارة قائلاً :
_غيرتها من بدري، بس حضرتك علشان مشغول دايمًا مشوفتش الفرق.أمسك بقطعة ديكور موجودة على المكتب تشبه الإنسان المنكمش، وسط اوراق كثيرة غير مرتبة وأقلام في غير مكانها، قائلًا :
_مكتبك حلو يا مروان، عارف مكتب طفولتك زمان كان عليه قصص الأنبياء والصحابة، كنت بتعمد اخليك أنت واخوك تكتسبوا صفات حميدة من خلال القصص دي، علشان لما تكبروا يكون عندكم قيم واخلاق.تبدلت ملامح مروان وقد أزداد من توتره، وقال :
_مش عارف يا بابا حاسس كده أنك عايز تقول حاجة معينة وبتمهدلي.ضحك الأب وهو يؤكد حديث إبنه، قائلًا :
_بصراحة بقا آه، أنا جاي اخد رأيك في موضوع مصيري للأسرة.انتبه مروان وبدأ في استماعه، وفي داخله يتساءل لماذا أباه يأخذ رأيه هو رغم أن منذر هو الإبن الأكبر وتلك الأمور تخصه أكثر، وبدون أن يتفوه بكلمة اجابه الطهطاوي قائلًا :
_في موضوع كده أخوك منذر كان كلمني عنه، وهو أنه عايز يرفع قضية على شركة البحيري اللي شغال معاه لأنه بوظله صفقة مهمة وهو متدبس بأوراق مع الناس دي، فأنا قولت يا طهطاوي بدل ما ابنك يتأذي والصفقة فعلاً تستحق والبحيري هو اللي خلى بكلامه، ليه ماخدش أنا الصفقة دي واكبرلكوا الثروة حبتين، اينعم هنفلس وهاخد قروض علشان أقدر عليها، لكن اكيد أرباحها هتعوض وزيادة.
أنت تقرأ
ضد الرجال
Romanceهنا ستجد اقوى إمرأة رأيتها بتاريخ الروايات من بعد السيدة غفران، حيث لا مكان للقهر ولا مجال للضعف