يشعر بــ...!؟. بـــ... باللاشئ، مشاعره استُهلكت حتى انعدمت.
**************
-Good morning baby.
نظر لها بطرفيّ عينيه وهو يجلس على الطاولة يتناول فطوره بملل من تلك الحياة التعيسة مع دميتهُ المتحركة كما يطلق عليها.
ومَن يتحمل حياة منزوعة المشاعر والعاطفة كهذه لم يختارها بإرادته بل كُتبت عليه لأجل تضخيم المصالح والعلاقات..؟!
وضعت تلك الدمية قبلة على خده وهي تزيح شعرها الأشقر للخلف وتقول له بلغتها الإيطالية التي سئم من سماعها:
-لقد تأخرت عن العمل أربع دقائق تخيل، يا لها من حياة فوضاوية بلا نظام.
كانت تتناول فطورها في عُجالة من أمرها لتصل في موعدها لمركز التجميل الذي تمتلكه، ولا تهتم أن تنتظر رده عليها حتى، فهذا هو روتين حياتهم اليومية المعتاد.
أبتسم لها ببرود وهو ينظر إليها تتحرك بسرعة وهي تلتقط حقيبتها وتُلقي عليه قبلة بالهواء قبل أن تغادر وتغلق الباب خلفها.
عاد يمسك الشوكة بيده اليمين والسكين بيده الشمال ويحركهم ببطئ وهو شارد الذهن يحاول أن يجد نهاية لهذه الحياة الباردة.
فلماذا يعيش من زوجة الحياة بالنسبة لها عبارة عن مواعيد ودقائق محسوبة؟! لماذا يعيش وكأنه آلة حديدية ليس من حقه أن يعيش حياة طبيعية مع سيدة تهتم به وبيومه وتشاركه حزنه وفرحه؟
يعلم أنه بالماضي كان أضعف من ذلك الوقت، ولم يحب أن يعصي أباه بعد الضغط والسيطرة التي فرضها عليه، وظن أنه سيتزوج من فتاة أجنبية لكن العشرة والحياة بينهم ستقربهم لبعض ويخلق الحب مثل أي زيجة صالونات.
لكن ما وجده بالنهاية أنه يعيش مع دمية متحركة.. صحيح جميلة الملامح والجسد وأي رجل يتمنى مثلها لكن أين الروح فيها؟ أين مشاعرها واين غيرتها واهتمامها؟
إذا وجدته مريضًا كلفت الخدم برعايته وتستمر بحياتها كما هي وكأن شيئًا لم يكن.
وإذا وجدته حزين تلاشت الحديث معه بنظرية أن المساحة الشخصية أهم من النقاش؟!.. أي مساحة وأي خصوصية تلك التي تجعله يحمل همومه بمفرده؟؟إلتقط هاتفه الموضوع بجانبه على الطاولة وقام بتسجيل صوتي لصديقه الوحيد بالغربة متحدثًا بحزن:
-صباح الخير يا محمود.. ممكن تبلغ في الشركة إني مش هحضر النهاردة؟ وياريت لو خلصت شغلك بدري النهاردة تيجي ننزل سوا شوية عشان مخنوق حبتين.
نظر للشوكة والسكينه بيده بأشمئزاز وقام برميهم على الطاولة بغضب وهو يمسك الشطيرة بيده ويأكلها كما يحب لا كما مفترض أن يأكل.
يكره العادات والتقاليد والتكرار وحتى أي شخص يتحدث بالايطالية.. يريد أن يعود يسمع كلمات مصرية من جديد ومزاح مصري ورائحة الأجواء البسيطة العادية الغير مبهرة.

أنت تقرأ
ضد الرجال
Romansaهنا ستجد اقوى إمرأة رأيتها بتاريخ الروايات من بعد السيدة غفران، حيث لا مكان للقهر ولا مجال للضعف