بعد فراقنا بوقت قصير إلتقط صور جديدة لنفسه وقد ظهر كـ البدر المنير.
جميل في كل حالاته حقًا إذا كان معي أو بعيد، لكني لم اتمنى عودتنا لحظة بقدر ما تمنيت إخباره بأن العيب لم يكن بمظهره في الأساس؛ كان عليه إصلاح رجولته فحسب.*************
-مييييييين ع الباب.. يوووووه ما تصبر يخويا هي القيامة قامت.
كان يقف أمام حقيبة سفره الزرقاء ويرسم إبتسامة عريضة وقلبه ينبض بشدة لسماع صوت والدته المنزعجة الصادر من الداخل.
وما إن فتحت الباب لمعت عينا السيدة دهبية صاحبة الثمانية واربعون عام في بهجة من وصول نجلها الوحيد من الخارج.
دهبية سيدة شعبية من سكان الإمام الشافعي ولدت وتزوجت بنفس المكان، حيث تُعرف وتشتهر كأمهر سيدة تجميل تختص بكل أمور سيدات منطقتها، وتعمل من منزلها أو تذهب للفتيات بمنازلهم إن لُزم الأمر.
تهتم بمظهرها لدرجة كبيرة، حيث تقوم بتغير لون شعرها كل أسبوع تقريبًا ولا يخلو وجهها من مساحيق التجميل طوال الوقت.
رغم أن زوجها يبدو كرجل عجوز تخطى الستون من عمره لكنها تعشق الاهتمام بنفسها ولا تسمح للتجاعيد بالظهور مطلقًا، فمن يراها يعتقد أن زوجها أبيها من فارق السن بينهم.
-وحشتيني يا دهوبة.
أطلقها محمود مفاجئًا لها لتحتضنه بكل سعادة وفرحة وهي تطلق الزغاريد على السلم كي تسمع الجيران قائلة من بين سعادتها:
-الباشا وصل يا جيران يا غجرررر، لولولولولولولولييييييي.
خرجوا الجيران على صوتها يهنوئنها على السلم بفرحة وهي تخبرهم بسعادة بالغة بأنها ستوزع على الجميع حلويات من صنع يدها بمناسبة عودته.
جلس محمود بمنزله البسيط يُلقي بجسده ويستريح من مشقة سفره متسائلًا:
-اومال فين القرموطي الكبير مش هنا ولا إيه.
كان يقصد بسؤاله أبيه السيد أسامة القرموطي الذي يلقبونه بالقرموطي الكبير باعتباره أكبر إخوته.
-اهو تلاقيه متلقح ع القهوة تحت هو وراه غيرها ليل نهار. سيبك سيبك احكيلي يولا على بلاد برا وحلاوتها.. في حريم حلوين زي امك كده ولا كلهم نواشف زي اللي بنشوفهم في التلفزيون.
ضحك محمود على خفة ظل والدته المعتادة وقبل أن يُجيبها وجد رجل غريب يخرج من المرحاض يهندم من ملابسه وينفضها ممسكًا بشنطة سوداء بلاستيكية ويقول:
-انا خلصت تصليح الحوض ياست هانم، أي خدمة تانية؟؟
فزع محمود من مكانه مستعجبًا خروجه ووجوده بالمنزل في غياب أبيه، فنظر لأمه بلوم على تلك التصرفات الغير أخلاقية منها قائلاً:
أنت تقرأ
ضد الرجال
Romanceهنا ستجد اقوى إمرأة رأيتها بتاريخ الروايات من بعد السيدة غفران، حيث لا مكان للقهر ولا مجال للضعف