في فجر اليوم التالي، وقبل أن تطلع الشمس على المدينة، ارتدت جوين معطفاً فوق ثيابها اتقاء للبرد.. وهي تستمع لبي ناريا التي كانت تقول لها بصوت خفيض "طمئني الملكة الأم بسلامتي.. لكن حذار من أن تلفتي الأنظار أو تثيري الشبهات.. الكل يعلم الآن بقدومي إلى المدينة، وأي لمحة تردد تبدر منك ستثير شبهة قوية تجاهك وتطيح بنا جميعاً.."قالت جوين مبتسمة "لا تخشي شيئاً يا مولاتي.. سأكون حذرة.."
قالت والدة جوين وهي تمسك يدي ابنتها بقلق "هل ستكونين بخير؟ ألن يتعرض أحد الجنود لك بأذى؟"
قالت جوين وهي تربت على كتف والدتها "لا تخشي شيئاً يا أمي.. سأعود لك بعد أن أنهي مهمتي هناك.. وسأكون بخير فلا تقلقي.."
قالت الأم وهي تنتفض "لا أريد أن يتكرر ما حدث مع أباك.. بسبب الجنود فقدناه.. والآن.. لا أريد أن أفقدك أنت أيضاً.."
ضغطت جوين على يدي أمها قائلة "لا تخافي.. لن يحدث هذا مجدداً.. أرجوك ألا تخافي، ولا تثيري ذعر إخوتي فهم مذعورون برؤية الثوار وليسوا بحاجة للمزيد.."
صمتت الأم بقلق، فيما خرجت جوين بصمت متجهة إلى القصر.. سارت في الطرقات الضيقة التي تميز ذلك الحي متوسط الحال، مارة بالمنازل المتفاوتة الأشكال والتي لم ينشط أهلها ويبدأوا نهارهم بعد.. كانت تعلم أن العديد من الثوار متمركزين فوق المنازل في الحي يراقبون من يدخل ويخرج، وأن العديد منهم قد رأوها بالفعل.. ضمت معطفها إلى جسدها اتقاء للبرد المتزايد وحثت السير باتجاه الشارع الرئيسي لتستقل عربة تأخذها إلى القصر..
بعد فترة وجيزة، كانت جوين تحمل طعام الملكة متجهة إلى جناحها الخاص وهي تشعر أن القصر كله يراقبها.. كل نظرة تلقى عليها من الجنود الذين تمر بهم تشعرها أنها نظرات اتهام، وكل لفتة من إحدى الوصيفات تشعرها أنها محط مراقبة الآخرين.. زفرت جوين محاولة البقاء ثابتة النفس حتى وصلت إلى الجناح، فطرقت بابه بخفة ثم دلفت بصمت.. وضعت الطعام على طاولة وسط الجناح وتقدمت من السرير هامسة "مولاتي.. لقد عدت إليك.."
فتحت الملكة الأم عينيها دفعة واحدة ونظرت إليها.. كان شحوب الملكة متزايداً وعيناها غائرتان.. وخرج صوتها ضعيفاً شحيحاً وهي تقول "جوين؟ هل عدت؟"
أمسكت جوين يدها هامسة "أجل يا مولاتي.. عدت بأخبار رائعة.. لكنك وعدتني بالاعتناء بنفسك خلال غيابي، فما الذي حدث لك؟"
تمسكت بها الملكة بيدين ضعيفتين وهي تقول "بي ناريا.. أين هي؟ كيف هي؟"
قالت جوين مربتة على يد الملكة "هي بخير، لا تقلقي.. الثوار أنقذوها من الجنود وعاملوها معاملة حسنة.. هي الآن هنا، في يناسّا.."
أنت تقرأ
بي ناريا
Fantasy((رواية خيالية)) التمع الرضى في عيني بي ناريا وهي تتأمل نفسها بإمعان.. كانت جميلة.. خلقت بهذا الجمال الفتّان الذي لا يناسبه إلا العرض البلوري.. وهذا ما كان يؤكده لها والدها الملك دائماً.. من غيرها يستحق أن يكون وريثاً لعرش المملكة الشاسعة التي تضم أ...