مضى وقت طويل وبي ناريا تغالب آلامها وهي في الغرفة الساكنة.. اختفى الآخران ولم تجد لهما صوتاً في المكان مما أصابها بتوجس.. وبعد أن يئست من الانتظار رأت الرجل الذي أنقذها يدلف الغرفة مع آخر يرتدي عوينات دائرية ووجهه ليس خشناً كوجوه بقية من رأتهم، يبدو متوتراً وقلقاً وهو يقول "أنت متأكد أن الجنود لم يلمحونا؟ لا أريد أن أفاجأ بهجومهم علينا ليقبضوا عليّ معكم"قال الرجل الأول بابتسامة "لا تخش شيئاً.. المكان آمن في هذه اللحظة.. عالجها بسرعة كي نعيدك إلى منزلك وتهدأ نفسك"
اقترب الرجل الذي أدركت أنه الطبيب يتفحص ساقها المكسورة، وبي ناريا تلاحظ أن الآخر لم يغادر الغرفة وهو يقف قرب الباب يراقبهما.. وكأنه يتأمل ما يحدث باستمتاع.. فأشاحت ببصرها عنه محنقة وهي تكظم ألمها وغيظها طوال المدة التي قضاها الطبيب في علاجها.. ولما انتهى وجدت بي ناريا أن ساقها قد غطتها مادة صفراء يابسة كأنها الصخر والطبيب يقول "يجب أن تبقى هكذا حتى تلتحم عظامها.. سآتي كل يوم لإعطائها مسكناً عن الألم ولأتفحص ما حدث لساقها.."
سألته بي ناريا بقلق "أأنت واثق أنها ستصبح بخير؟ كيف تكون متأكداً من علاجك دون أن تفحصها بأجهزة متخصصة؟"
قال الطبيب "هذا هو كل ما بوسعي فعله.. الذهاب للمستشفى مستحيل.."
فقال الرجل الأول "سنغادر قريباً إلى المكان المعهود.. وسآتي لأخذك هناك كل يوم"
صمت الطبيب متوتراً وهو يجمع عدته بعد أن حقن بي ناريا بمسكن للألم، ثم غادر متمتماً "تذكر ألا تأت إليّ إلا في جنح الظلام.."
غادر الطبيب مع الرجل بصمت تاركين بي ناريا جالسة وهي لا تجرؤ حتى على الاستلقاء في سريرها في هذا المكان الغريب رغم تعب جسدها.. لم تكن قد اطمأنت بعد إلى هؤلاء الرجال وهي حتى لا تعرف أسماءهم.. وتصرفاتهم تبدو لها غامضة مريبة.. ماذا يريدون حقاً منها؟
عندما أشرقت الشمس في اليوم التالي، دلف الرجل إلى الغرفة ليجد بي ناريا جالسة في سريرها تنظر من النافذة التي سمحت لنور الشمس بالتغلغل في الغرفة الباردة.. ولم تنتبه لقدومه حتى سمعته يقول "أمازلت مستيقظة؟ ظننتك قد نمت.."
قالت ببرود دون أن تنظر إلى وجهه "ما من شخص عاقل يستسلم للنوم في معقل أشخاص لا يعلم إن كانوا أعداءه أم أصدقاءه"
فقال وهو يرخي الستائر على النافذة حاجباً النور والأعين "أعلم أن الجنود يبحثون عنك، وأن مانيم الوغد قد جنّد الجميع للعثور عليك.. لكن أن تعتقدي أن الجميع يعادونك لمجرد أنك أنت؟.. هذه مبالغة كبرى أن تجعلي لنفسك هذه الأهمية.."
أنت تقرأ
بي ناريا
Fantasy((رواية خيالية)) التمع الرضى في عيني بي ناريا وهي تتأمل نفسها بإمعان.. كانت جميلة.. خلقت بهذا الجمال الفتّان الذي لا يناسبه إلا العرض البلوري.. وهذا ما كان يؤكده لها والدها الملك دائماً.. من غيرها يستحق أن يكون وريثاً لعرش المملكة الشاسعة التي تضم أ...