في مجلس الشيخ
كان التوتر هو الجو السائد في كل الجلسة والصمت كان عميقًا لدرجة حبس الأنفاس‘ الجميع يعلم كم سيكون حكمه قاسيًا كعادته في الفترة الأخيرة لكن من يستطيع الاعتراض على حكم كبير السمالوطية وزعيمهم بالوراثة وبالقوة ..
من يضاهيه في القوة وخصوصًا بعد القوة الهائلة التي اكتسبها مؤخرًا والتي اثبتت أنه قد قُدَ من حجر صوان بزيه الصعيدي التقليدي وعمامة الرأس وعصاه الآبنوسية الفاخرة‘ تحول رهيب من المهندس المتحضر ورجل الأعمال الأنيق للصعيدي ذو العقل المتحجر حاكم النجع ومالك العصى الأثرية التي تعود لحقبة تاريخية ما وجدها في أثناء غزوه لإحدى المقابر الفرعونية .. وبكل إشارة بها كان وكأنه يحكم الكون من على مقعده العالي ذو الاطارات العاجية التي ربما صنعت من أنياب فيل حقيقي صرعه بيديه ..
منذ أن أصبح كبير السمالوطية رسميًا وهو يحكم علي الجميع بأقصى أنواع العقوبات بلا استثناء وحادثة فالح السمالوطي الذي يعتبر من أقرب ابناء العمومة مازالت في الاذهان .. فعندما يحكم على ابن عمه بدفع تعويض كبير لأهل فلاح بسيط لمجرد أنه دفعه بعصى الركوب خاصته يكون بذلك يدخل السمالوطية لعصر جديد يتساوى فيه الجميع ماعداه ..
واليوم بالتحديد يومًا غير اعتيادي فكبير عائلة البهنساوى سيحكم عليه في هذا المجلس العرفي وبحسب أحكام الشيخ القاسية في الآونة الاخيرة توقع الجميع أن تقوم الحرب بين السمالوطية والبهنساوية والتي كانت قد خمدت منذ بعض الوقت .. وسيشتعل أتون الحرب من جديد ..
وبصرامة لا تحمل مجالًا للنقاش وبصوت حاسم اتخذ قراره فعليًا قبل حتى أن يبدأ المجلس وسيعلنه تباعًا بعدما يجرد رضوان من كل دفاعاته ليقول بغضب ..
- أنت اخطئت بالري في غير الأيام المخصصة لك .. كيف تتجرأ وتفتح بوابة الري بدون إذني ..
من يظن نفسه معتصم السمالوطي ليحدثني هكذا ؟؟!!
- إذنك ؟؟!! هذا كان في الماضي أيام العبيد يا رجل .. كيف تحدثني هكذا؟؟ أنت لا تحكم النجع يا سمالوطي .. مياه الترع الآن توزع بالمحسوبية وترعتكم لها النصيب الأكبر من المياه .. انظر إلى حالة أراضيكم ونضارتها وخصوبتها ووفرة إنتاجها وحالة أراضينا .. سأفتح البوابة متى شئت ولن تستطيع منعي ..
نظرته التي شملت كل الحاضرين في جولة سريعة على الوجوه كانت تحمل أكثر بكثير من مجرد التفحص .. كانت تحدد من معه ومن لا .. من سيتجرأ على الانضمام للبهنساوي والوقوف في وجهه .. وعلى الرغم من أن كلام البهنساوي يحمل بعض الحقيقة إلا أن الجميع سيختار الجبهة الأقوى بالتأكيد " جبهته "
قرار وسيتخذه مهما حمل في طياته الكثير من العواقب .. في مجلسه لا مجال للتهاون أو التراجع .. لو فتح الباب للتمرد لن يستطيع قفله مجددًا وستخرج الأمور عن السيطرة .. ضربته التي سيوجهها له الآن لابد وأن تكون قاضية حتى لا يكون لرضوان صوت بعد ذلك ..
أنت تقرأ
ومنك اكتفيت
Romanceإهداءً إلى أرواح تعرف نفسها.. فسلامًا على أرواح كلما تباعدت المسافات بينهم زادها البعاد اشتياقًا وعادت أشد لهفة للقاء .. ومنك اكتفيت