من بين أعوام وذكريات تكفي العالم، ترك لي ثلاثة حروف تؤرقني كل ليلة بلا إجابة...!
***************
_يلا يا غالية، ايه كل ده بتلبسي.
كانت تقف أمام مرآتها تضع ملمع الشفاه بكل برود وبطء، ولم تجيب ندائه حتى متعمدة تجاهله تمامًا كل تلك الفترة الماضية، دلف لغرفتها حتى يقوم بتعجيلها، ليجدها تنظر لنفسها مقتربة جدًا من المرآة كأنها ترسم لوحة على ملامحها، وتتحدث ببرود قائلة:
_ثواني بحط روچ، مصطفى كان بيحب اللون ده عليا موت.لم يطيق أفعالها ولم يفهم لماذا تتعمد تلك الفترة ذكر ذلك الشخص الوهمي بتكرار، وكأنها تنتقم لــ شيئًا ما لا يعرفه، أو ربما قد عرفت بمكالمة غالي مع رنا ولذلك تحاول تأكيد العكس.
أخرج منديل ورقي من جيبه وقام بمحو وجهها بطريقة عشوائية يبادلها نفس الأسلوب البارد وهي تتملص منه منفعلة، ليقول:
_احنا رايحين عند المحامي، الروچ ده تحطيه يوم فرحك على المحروس، بس متنسيش تعزميني ها.ربطت حذائها في محاولة منع ثورانها قائلة :
_لا إزاي.. هعزمك طبعًا، ومتنساش تجيب ديحة معاك ها.قالت كلماتها ومرت بجانبه نحو الباب وهو لا يفهم ما تعنيه وما تقصده بذلك الإسم، نزل خلفها وكل ما يشغل باله هو مقابلة السيد الطهطاوي وما سيترتب عليها من أحداث.
تعمد عدم الإحتكاك بها طوال الطريق ولم تخلو هي من نظراتها الغاضبة تجاهه، حتى وصلا لمكتب السيد الطهطاوي الذي كان بانتظارهم في حالة من الحزن والخذلان على أبناؤه الذين لم يكتسبوا منه أي صفة حميدة وحمل نفسه كل الأسباب لأنشغاله عنهم بالعمل.
دلف الجيزاوي وغالية لمكتبه، حيث وجداه بتلك الحالة البائسة واضعًا يده أسفل ذقنه لم ينبث بكلمة كأنه يبحث عن بداية لحديثه، فلم يكن يحتاج الجيزاوي لكلمات من قدوته كي يستشعر ما به، ليبدأ هو :
_خير يا ريس، حضرتك كويس؟تنفس الصعداء، يهز رأسه بهدوء قائلًا:
_بخير.. بخير يا جيزة.. أنا كنت حضرتلك الملف اللي طلبته اتفضل.تناولته منه غالية بفرحة قائلة:
_انا بجد مش عارفة أشكر حضرتك إزاي، أنا قولت بردو أكيد حضرتك مش هتخذلنا.استشعر الجيزاوي أن السيد الطهطاوي ليس على ما يرام، وبداخله شئ يمنعه بصعوبة، وتساءل مرة أخرى:
_انت كويس يا ريس؟!.تصبب العرق من جبين الأخر، مواريًا حزنه خلف ابتسامته قائلًا:
_كنت عايزك في كلمتين على إنفراد بعد إذن الآنسة.حمحم الجيزاوي بحرج بعدما لاحظ إبتسامة غالية الشامتة قائلًا :
_دي الجماعة، تقدر تتكلم قدامها عادي.
أنت تقرأ
ضد الرجال
Romanceهنا ستجد اقوى إمرأة رأيتها بتاريخ الروايات من بعد السيدة غفران، حيث لا مكان للقهر ولا مجال للضعف