كان يومًا طويلًا ومرهقًا لـ نيفادا. بعد جولة شاقة في المدن المحيطة بالعاصمة، لتفقد أحوال المملكة والوقوف على شؤون الناس، عادت إلى القصر منهكة. كان الإرهاق يثقل على عينيها وكتفيها، تشعر وكأنها تحمل العالم بأسره على ظهرها منذ ايام.
خطواتها كانت ثقيلة وهي تسير عبر البهو الواسع للقصر، العرق يتصبب على جبينها، وعقلها مزدحم بالأفكار. ورغم المساعدة التي وفرتها لها ماديرا بعد انتقالها للقصر، ومشاركة باستت في الاهتمام بطفلها، إلا أن العبء كان لا يزال هائلًا عليها.
عندما وصلت إلى أسفل السلالم المؤدية إلى جناحها الخاص، كانت تتوق إلى حمام دافئ وقسط من الراحة. لكن في تلك اللحظة، ظهر أحد الخدم أمامها، يحمل صندوقًا صغيرًا بنقوش غريبة وبارزة. قدمه إليها قائلاً: "سيدتي... لقد تُرك هذا من أجلك."
أخذت نيفادا الصندوق بين يديها، وكانت تعلوه نقوش عين حورس المهيبة. قلبها قفز من الفرح المفاجئ. نادت باستت بحماس "باستت! أسرعي! هذا من إلياس، لا شك في ذلك!"
تقدمت باستت بسرعة، عينيها متوهجتان بالحماس أيضاً. "هل تعتقدين حقًا؟ ربما وصل أخيرًا بخبر سعيد!"
كانت نبضات قلبها تتسارع مع كل ثانية. ساد الجو توتر غريب، وكأن شيئًا مخيفًا كان على وشك الحدوث، لكنها دفعت تلك الأفكار بعيدًا بحماسة انتظارها لخبر من إلياس.
كانت نيفادا تفتح الصندوق بعناية، ابتسامة عريضة ترتسم على وجهها. لكن ما إن فتحت الغطاء حتى تجمدت تلك الابتسامة، وحلت محلها صدمة عميقة. عندما فتحت الصندوق ورأت عينًا غارقة في محلول داكن، شعرت كما لو أن قلبها قد توقف للحظة. تجمد الزمن من حولها، وكأن الصمت قد امتص الهواء من الغرفة، رسالة صغيرة بجانبها.
"ماذا...؟" قالت نيفادا بصوت مخنوق وهي تتراجع بخطوة إلى الوراء.
اقتربت باستت، وهي في حالة من الذهول. "نيڤادا؟ ما هذا؟!"
قرأتها نيفادا بصوت مرتعش "زوجك مات. هذه دليل موته...".
الصدمة تغمر ملامحها، عيناها تتحولان من الفرحة الطاغية إلى الحزن العميق. كانت بين لحظة وأخرى تلتقط أنفاسها بصعوبة، وكأن الهواء يختنق في صدرها.
كانت العبارات تتلاشى في ذهنها، حتى أن الكلمات فقدت معناها. نظرت إلى العين المفقودة وكأنها ترى بقايا روح إلياس تموت أمامها. تساقطت دموعها بصمت في البداية، ولكن سرعان ما تحولت إلى عاصفة من الانهيار.
كانت نيفادا تتنفس بسرعة وهي تشعر بالدوار كمن تحاول جاهدة لسحب الهواء رئتيها بلا فائدة،
شعرت بالعالم كأنه يدور حولها و هي تفقد السيطرة علي اعصابها و تتنفس بصوت عالي بين صراخها المكتوم،
أنت تقرأ
جندي الجبل
Fantasyرواية مليئة بالأحداث الملحمية، تقص حكاية شعب كورينيث الذي كاد أن يندثر تاريخًا وحضارة! وعن تحرك جماعات بأكملها وبنائها للأمة تحت قيادة إمرأة تصدرت المشهد بعصر لم يُحصد به القوة والسلطة غير الرجال ..