الوزر السابع عشر

108 5 3
                                    

  ،

الوزر السابع عشر

إنّي أنوح كالحمام يا دُنيا

فهل تسمعين؟

أيا دنيا هل ترحمين؟

بل كيف يا دنيا ترين؟ كيف يا دنيا تحكمين؟

مخطئةٌ أنا أم على صواب

تجوب حولي الاسئلة.. ولا تترفّق علي بجواب

لكني بصدقٍ يا دنيا وحيدة

كل الصحاب دون الثرى

وأنا تائهةٌ على البساط

رحلوا دون وداع.. تركوني للعذاب

تركوا عيني حزينة، والدمع من قلبي سِكاب

أحبالي معقودة.. لساني ثقيل

يدي حتى مثقوبة

ارجو العون.. ولكن أصابعي مقطوعة

لم يا صحاب، رحلتم ولم تأخذوني؟

لمَ لم يخطر لكم بال أن ترحموني؟

لم تركتموني اتسائل هنا وهناك..

ايا دنيا.. من أكون؟

وهل تراني في الوجود؟ أم أنني أصبحت جزءًا من شرود؟

ثنت ركبتيها أمام مرآة الخزانة وهي تحدّق بوجهها المحمرِّ بجمود

صفعت نفسها للمرة الخامسة

وهي تهمس بأمرٍ صارم: صيحي

بسطت حاجبيها.. وبدأت تزفر بلوعةٍ حارقة

تصدر من قلبها.. تحاول لفظها من فمها

تحاول تمثيل البكاء.. لعلَّ بعد هذه الزفرات تتنزّل من محجريها ولو دمعة

ولكن المحاجر شحيحة.. لم تترفّق على خدّيها بسقيا دموع

صفعت نفسها، مرةً سادسة وسابعة وثامنة.. ولكنَّ عيونها أصرّت على العصيان

استندت على الخزانة بتعب.. جسدي، ونفسي.. بتعب يكويها مع كل ثانيةٍ تقضيها على قيد الحياة

كانت تستجدي نفسها بلحنٍ حزين: ليش ما تصيحين؟

صيحي على ناصر على الاقل.. بس على ناصر هالمرة.. وعقب وقفي دموع للأبد

احتضنت نفسها بيديها.. تواسيها بعد أن قست عليها

وضعت رأسها على سواعدها.. تربّت على نفسها برحمة

ترمش بعينيها وهي تحدّق بالسرير وتفكر.. كيف مضت بها الدنيا.. وبلغت مبلغًا ترحم فيه نفسها وتأسى عليها؟

،

تجافى جنبه عن مضجعه.. آرقه تبلّدها.. خشيَ منها، وعليها

مشيَ في الظلام.. متّجهًا إليها

يريد البيان.. يريد الجواب

يُنكر على نفسه بالطبع، ويخاصمها على فعله.. بينما تقوده قدميه إلى باب غرفتها

لا تتركيني للأوزارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن