الوزر الثاني عشر

92 2 2
                                    

،

الوزر الثاني عشر

ضيّق هدبيه وهو يحاول استيعاب ما حصل منذ ثوانٍ

بطرف أصابعه، أبعد الرمال التي تركّزت بين طيّات الجلد الرقيق حول عينيه ورمش عدة مرات يطرد الضباب والرمل من محاجره

رفع رأسه الذي يقاسي ألمًا حادًّا.. وتلفّت.. ليتمكن من مشاهدة الخراب حوله

الرمل كسى المدينة.. الدمار قد سرق ألوان الحياة.. وانتشل فرحة الإفطار من أفواه الصائمين

وضع يده على أذنه التي كانت تطنُّ بعلو شديد.. تكاد تتفجر منها دماؤها

فركها بضيق وهو يُنصت لصوتٍ بجانبه، التمس فيه الذعر والتعب: التفجير في الثكنة

شعر بصعقة دبّت في جسمه.. نهض بسرعة متجاهلًا آلامه

تلفّت ليشاهد جري الناس بعيدًا، هروبًا من الدمار.. وكأنهم يطبّقون خطة إخلاءٍ قد تدرّبوا عليها.. وكأنهم وللأسف الشديد قد اعتادوا الغدر الإرهابي

شاهد أخيرًا.. ملثّمًا في أحد الزوايا، يمسح التراب عن وجهه الأشعث.. يتلفّت وهو يتراجع وكأنه يتأكد من أن ما من أحدٍ قد انتبه عليه

احتدت عيناه.. منظره مريبٌ جدًّا.. لحق به بخّفة.. كان بعيدًا نسبيًّا ولكن الملثّم شعر بخطوات سعود فزاد بسرعته.. وبدأ بالجري هروبًا منه

وما أن ركض الملثّم حتى لحق به الحصيني.. تجاهل آلام رجليه وبدنه وركض بأعلى سرعةٍ لديه

سابق الريح وعينيه لم تفارقان الإرهابي أبدًا.. يُقسم أشد القسم بأنه لن يتركه.. اقترب منه كثيرًا وهو يشاهد تلفّتاته المذعورة من هول سرعته

صرخ الإرهابي: ألبس حزامًا ناسفًا.. سأفجر.. اقسم سأفجر نفسي.. "ثم صرخ ليثير ذعره": الله أكبر

ولكن صراخ الحصيني كان أقوى واشد قهرًا: فجّر.. تموت وأموت لكن والله ما تروح

لم يكد يختم كلامه الا وهو يقفز على ظهره مكبّلًا يديه خلف ظهره، ومفرّقًا رجليه بقدميه حتى أحكم القبضة عليه وكأنه عنكبوت.. تقلّبا على الأرض المقفرة.. أكلا من حصاتها وخشاش الأرض

حاول ذاك المقاومة، ومصارعته.. ولكن الأمر كان بالنسبة لسعود أمر حياة أو موت.. فلم يفلته أبدًا أبدا

كانت مسامير القهر تدقُّ في رأسه مسمارًا تلوَ الآخر.. ومع كل دقّة كان سعود يدقُّ برأسه على الأرض بقهرٍ شديد.. هذا السافل قد مدّ يده على وطنه، انتهك استقرار أصحابه.. والله وحده أعلم بما حلَّ بهم

كان يحاول تقييده تمامًا بما تيسّر له من عدة وهو يتذكّر وبغصة.. ضحكات محمد، وتركي وبقية الأصحاب

وحده الله يعلم من استُشهد منهم ومن أُصيب، كم من عائلة تيمت وكم من عائلة ستتشتت بسببه

لا تتركيني للأوزارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن