الوزر الخامس عشر

119 5 9
                                    

،

الوزر الخامس عشر

"وش اللي سويته؟ وش اللي سويته؟ يا سعود!"
نفسه تنهره.. تمدُّ يدها عليه.. كلّما أشاح بوجهه عنها أعادته بصفعة تتلو الصفعة
يودُّ الهرب من نفسه.. يودُّ تركَ كل طباعه المتجذّرة فيه والتي لا تكفُّ عن إزعاجه، ورميه في المتاعب

الصراخ مستمر.. الصراخ بداخله عالٍ.. النّمل يغزو رأسه.. يشفط الحياة منه.. يقرصه قرصات خفيفة، ولكنّها موجعة ومستمرّة

"يا الله.. وش اللي سويته بنفسي؟ وش هالبلا اللي رميت نفسي فيه يارب ساعدني.. مدري أنا وين رايح ووش بيصير بحياتي بس طلبتك يارب ترأف بي"

يوشك على ضرب المقود بقبضته، لعلَّ هذه القبضة تطفؤ قليلًا من غليله.. ولكن بلائه، والتي تستقر بجانبه ستستيقظ من الصوت

أغمض عيونه بسرعة وبقهر، ثم أعاد فتحها بسرعةٍ ليشاهد الطريق وهو لا زال في نزالٍ حامٍ مع ذاته.. معركة غبراء يجلد فيها نفسه، ولكن بصمتٍ شديد

"بتنفعك المروّة؟ قل لي بالله بتنفعك الشهامة؟ بتنفعك؟ وأنت متزوج لك أخت ارهابي ومدخلها بلدك؟
وش اللي سويته يا سعود.. وش اللي سويته.. كل اللي بنيته بيروح.. مستقبلك.. حياتك كلها بتتدمر.. وليه؟ لييييه يا غبي
دايم كنت متسرّع.. دايم يسيّرونك على هواهم.. يستفزون شهامتك.. وتدق صدرك أنت.. تقول أنا لها.. ثمّن تطيح على وجهك
كم مرة صارت فيك.. ماهيب مرة.. ولا ثنتين.. وش بلاك سفيه؟ يومك ما تعقل؟
قلنا إنك كبرت وعقلت.. لكنك رجعت لنقطة الصفر.. وش فيها لو بكى قدامك رجال؟ تراه إرهابي ما هو بمسيكين.. وش فيها لو ترجاك ثم رديته؟ وش فيها يا سعود.. ماهيب نهاية الدنيا، ولا هي من خوارم المروءة.. وش هاللي سويته بنفسك يا غبي.. وش!"

رفع الهوية التي بيده وشدَّ عليها بأصابعه وهو يمرر ناظريه على صورتها بسرعة، ثم يعيد قراءة اسمها عشرات المرات.. حتى أضاع العد "نوف صالح سليمان عبدالعزيز الصاع"

عمّها متقاعد من العسكرية، اسمه "عبدالعزيز سليمان الصاع"

رصَّ على نواجذه وهو يحاول تركيب الحقائق على بعضها.. هل يُعقل بأنها ابنة أخ أبو سليمان الذي يتراءى له في ذهنه؟
هزَّ رأسه بنفي.. هذا مُحال.. مُحال.. لابد وأنه تشابه اسماء
يدعو الله من كلِّ قلبه.. أن يكون تشابه اسماء

أعاد تذكّر العملية كاملة.. بكافّة تفاصيلها.. منذ تورّط بها
الرابط بينهما مستحيل.. لابد وأنه تشابه اسماء
فكم عبدالعزيز، وكم سليمان وكم عبدالعزيز سليمان في آل الصاع؟

أعاد قراءة الجنسية المطبوعة في البطاقة: الإمارات العربية المتحدة

حاول سحب أنفاسه بهدوء.. حاول إقناع عقله بأنه تشابه اسماء.. لا يعلم أهوَ تخدير من نفسه، لتخفيف المتاعب على نفسه، بضمير مرتاح.. أم أنه بالفعل أمرٌ مستحيل

لا تتركيني للأوزارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن