الوزر التاسع عشر

185 8 9
                                    


،

الوزر التاسع عشر

ذات الوجوه هي الوجوه.. ولكنَّ لمعةً ما، لعلّها لمعة الفرح.. تغيب وبوضوح عن ملامحهم.. تتخطّف صُفرة وجوههم.. تتركهم، رغم كثرة تبسّمهم، محكومين بلسعات الفقد

قد تسرقهم الدنيا من هذه الحقيقة.. ولكن اجتماعهم الناقص هذا.. خيرَ دليل

يركز أحدهم قدمه الحديدية على المنضدة، والاثنين الآخرين يجالسانه بعفوية تامة

أما رابعهم.. فإن ذكرياته تطوف حولهم، وتحتضن إبتآسهم

هو حاضرٌ بذكره.. غائبٌ بعيدًا بجسده

مدفونٌ لوحده تحت الثرى بعد أن كان لا يغادر جمعهم.. لا يشاطره ذاك المكان سوى أمواتٌ مثله.. يفوح منهم الصمت.. ولكن كلُّ واحدٍ منهم يشغله أمره

كتب الله عليهم أن يتركوا كِدَر الدنيا لنا.. ويرحلوا إلى حياةٍ مجهولة.. لم يبلغنا من العلم عنها سوى قليلًا...

قال محمد وهو يضحك: ههههههههه الله يرحمك يا تركي.. كان أسطورة في النذالة

سعود بابتسامة تبدو ابتسامةَ فرح، ولكنّها أقرب ما تكون لابتسامة الغبنة.. والشوق لذاك الراحل

: ما تجوز على الميت الا الرحمة وذكر المحاسن يبو عبدالله

محمد: ياخي امزح وشفيك أنت شادها كذا

سعود: حتى ولو

محمد: يا شينك يا أبو محمد.. للحينك جاد بزيادة

سعود: معليش لكنّي أمزح بكل شي إلا الحدود الدينية.. الأمر واضح ما يجوز تقول كذا عن الميت

محمد: يا ليل طيب خلاص نسحبها.. "رد بسخرية" الله يرحمه كان أطيب واحد وما فيه أحد طاله شرّه

سعود باستنكار: مجنون أنت! وش هالكلام.. الظاهر إنهم شالوا عقلك وركبوا الحديد فيه مهب في رجلك

محمد: ههههههههههههههه يا شيخ حل عن سماي.. لو إن تركي عايش كان حللني.. اتركنا نضحك والله زمان عن الضحك وأنا أخوك

سعود: الله يجعلها دايمة يبو عبدالله

محمد: بيجيكم عبدالله قريّب ان شاءالله.. دعواتكم

مشعل بتفاجئ: بالله عليك.. ماشاءالله ماشاءالله بالبركة الله يجعله من الذرية الصالحة

محمد: آمين يارب

سعود: بالبركة ياخوي الله يرزقه حسن الخَلق والخُلق ويرزقكم بره وصلاحه يارب

محمد: آمين يا غالي وعقبالك يارب

شتَّت حدقات عينيه بعيدًا وهو يؤمن والتوتّر يتسلل ببطءٍ إلى قلبه

وكأنه يتذكّر مواضيعه المعلّقة

لا تتركيني للأوزارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن