❤️الفصل الثالث و العشرون❤️

218 10 1
                                    

جلست في حديقة القصر تتأمل المساحة الخضراء امامها بتيه تشعر بخواء داخلها وحزن شديد بدونه ،تشعر بالضعف ، تتذكر في احد الأيام مقولة قرأتها
" الشخص الذي يُحب بصدق يكون ضعيفا ومنهزما"
لم تصدق تلك المقوله حينها ،دائما ما كانت تشعر بالقوة بجانب سليم لم تشعر يوما بالضعف في حبه دائما ما كان قوتها وسندها والدها ، عالمها الصغير يتمحور حوله كيف له ان يتجاهلها بتلك الطريقة، لقد اختار عقاباً قاسياً عليها بشده كيف يبتعد عنها الا يعلم انها تتنفس بوجوده ولا تستطيع ان تحيا بدونه، مر اسبوع كامل ولم تراه ،اسبوع كامل لم تستمع لصوته ،حاولت وحاولت ان تحادثه علي هاتفه ولا يُجيبها الا يشتاق لها ؟!
هل سأم منها ويُريد تركها !!
وعند هذه النقطة احست بألم في قلبها لا يُطاق ايُعقل ان يكون سليم قد نساها بهذه السهولة ولا يُريد رؤيتها لدرجة تركه للمنزل لأسبوع كامل !
هبتط الدموع علي وجنتيها للمرة التي لا تعلم عددها وضعت يديها علي وجهها تحاول منع دموعها من الهطول عندما احست بيد تُربت علي كتفيها رفعت عينيها لتجد تلك اليد لنادر الذي ينظر لها بحنان نظرت له بفرحة ناقصة :
خالو
احتضنها بحب وهو يقول بمرح :
ينفع كده قلقي عليكي يجبني علي ملا وشي واسيب الشغل يضرب يقلب
تشبثت به بحزن :
شوفت يا خالو سليم هان عليه يسبني اسبوع بحاله من غير مايكلمني
نظر لها بتعاطف وهو يلعن سليم بداخله ف ريم رقيقة وتتأثر من اقل الأشياء فكيف يفعل ذلك معها
قبل وجنتها بمرح قائلا :
سليم ده مابيفهمش حد يسيب القمر ده زعلان بردوا الواد ده فقري
رفعت رأسها في مواجهته في حنق :
انت بتهزر وانا بعاني هنا انت ماعندكش احساس يا خالو
رفع حاجبيه وهو ينظر لها بزهول :
مش لايقة خالو مع الجمله خالص
ثم رفع رأسها له وهو يُكمل :
وبعدين يابت ماهو اكيد هايشتري ويبيع فيكي وانتِ مدلوقة عليه بالشكل ده ماتتقلي شوية وبطلي مُحن
ذمت شفتيها وهي مازالت تبكي:
شكراً
امسكها من وجنتيها بمرح وكأنه يُداعب طفلة صغيرة :
حتي وانتي قموصة حلوة وعايزة تتاكي
-خالو انا عايزة سليم حاول تكلمة يرجع البيت او تعرف قاعد فين ناخد ماما كوثر ونروح نصالحه
رمقها بحنق وهو يقول من تحت ضرسه:
ايوه وماله وتاخديله علبة شكولاته بالمرة وتروحي تعيطيلوا وتقوليلوا ابوس ايدك ارجعلي بت انتي اتعدلي كده واتقلي شويه
نظرت له لبُرهه وكأنها تُفكر في حديثه ثم قالت بعزم واصرار شديدين وعينيها لا تتوقف عن زرف الدموع :
معاك حق يا خالو انا مش هجري وراه تاني ابدا هو لو بيحبني كان اتصل بيا حتي
ربت نادر علي كتفها بفخر :
جدعة هي دي بنت اخت نادر محفوظ بحق
ازاحت دموعها بعنف وهي تنظر له بأصرار :
من النهاردة فيه ريم جديدة ريم قويه ر..
قطع كلماتها صوت سليم الجاد وهو يقول مستهزئا :
ايه ده نادر جيت امتا
رقضت ريم لتُعانقة بلهفة فور سماع صوته وهي تقول ببُكاء:
سليم ارجوك ارجع البيت حرام عليك انا بموت من غيرك
كذ نادر علي اسنانه وهو ينظُر لها بغيظ:
دي مش فيه ريم قوية ده فيه ريم بالبتنجان
احس سليم بقلبه يكاد يخرج من قفصه الصدري من فرط دقاته كلمة شوق قليلة بل قليلة جدا لما كان يشعر به في غيابها تلك الايام القليله، يعشقها يهيم بها لا يتنفس بدونها ولكنه لم يكن يستطيع مُسامحتها بسهوله علي فعلتها يكادُ يغار عليها من الهواء الذي يُحيط بها بل احيانا يشعر بالغيرة عندما تحتضن والدته لقد تعدت مشاعره لريم حد المنطق والمعقول
نظر اليها ببرود مصطنع وهو يُبعدها عنه بجمود دون حديث
رمقته بسخط وهي تزم شفتيها تحاول كتم شهقاتها وقد احمر وجهها بعُنف وهي تقول بقهر :
اعمل ايه يعني عشان تسامحني يارب اموت عشان ترتاح مني خالص انت مش بتحبني اصلا لو بتحبني ماكنتش بعدت عني انت ليه بتعاملني كده حرام عليك بقى
قالت كلماتها بحزن شديد ورقضت من امامه قبل ان تنهار باكية تستعطفه ليُسامحها

نظر سليم في اثرها بحزن علي تلك الحالة التي اوصلها اياها وهو اكثر الناس علما بأنها هشة ورقيقة لا تتحمل مُعاملته تلك
وقف نادر قبالته يُحدق فيه بأمتعاض قبل ان يرحل من امامه مُستاءٍ هو الأخر .
**************
فتح باب غرفتها وجدها تتصطح علي الفراش وهي مازالت تبكي ،كيف له ان يجعل صغيرته تبكي كل هذه المُدة بدون ان يحتضنها ويُطمئنها
اقترب منها يجزبها اليه معانقا اياها بحنان يدفن وجهه في خُصلاتها يستنشقها بتخدر وهو يقول بلهفة:
وحشتيني ،وحشتيني اوي الأسبوع ده عدي عليا سنين من غيرك
رفعت رأسها له وهي تنظر في عينيه تقول بحزن وقهر :
سليم ارجوك ماتبعدش عني حرام عليك بجد انا كنت بموت
قبل عينيها بهيام وهو يقول لها بلهفة :
بعد الشر عليكي يا اغلي مافي حياة سليم ،انا اسف اسف يا حبيبتي ماتقوليش كده تاني
دفنت وجهها في عُنقه تستنشق رائحته بهيام وكأنها تتأكد من وجوده معها ومن انها لا تحلُم
شدد علي احتضانها وكأنه سيُدخلها في ضلوعه وهو لا يتحمل دموعها التي تهبط علي عُنقه وكأنها جمرات تؤلم قلبه:
دموعك بتوجعني ياريم ارجوكي بطلي عياط
تحدثت ضد عُنقه وهي مازالت مُتمسكه به وكأنها خائفة من ابتعاده مرة اخري:
هونت عليك يا سليم هونت عليك اسبوع بحاله ماتسمعنيش صوتك انت قاصد تعمل كده عشان توجعني صح
رفع رأسها في مواجهته وهو يقول لها بعتاب حزين :
انا يا ريم انا قاصد اوجعك؟!
هو فيه حد بيوجع نفسه ده انتِ لما بتتوجعي بتوجع عليكي اضعاف ده انا بخاف عليكي من نفسي، الغيرة كانت عامله زي نار بتاكل فيا كنت بحس ان قلبي هيقف كل مافتكر مسكته لأيدك وكلامه ليكي انتي مش مُتخيله انا اتوجعت قد ايه، صدقيني لو ماكنتش بعدت الاسبوع ده كنت هأذيكي بسبب غيرتي، وانا اموت ولا يحصلك حاجة
-اسفة اسفة اني حطيتك في الموقف ده بس صدقني انا حسيت اني مقصرة من ناحيتهم اوي وقولت ده هيسلم عليا بس عمري ماكنت اتخيل انه يقولي كده انا كنت شيفاه اخويا الكبير
تجهم وجهه من حديثها عنه وهو يقول لها بتحزير :
ماتجبيش سيرته قدامي ولا تعيدي الموضوع ده تاني اقفليه علي كده
اومأت برأسها عدة مرات وكأنها تؤكد علي كلامه :
مش هجيب سيرته قدامك خالص بس ماتزعلش
اقترب منها يُقبل عينيها ووجنتيها بأعتذار :
ينفع كده طيب العياط ده كله ليه منا معاكي وانتي في حضني ليه العياط بس
اغمضت عينيها بدون رد وهي تتوسد صدرة مُحتضنه اياه تستمع لدقات قلبه بشغف وكأنها موسيقاها المُفضله ،وبدون ان تشعر غطت في نومٍ عميق هادئ اخيرا بعد اسبوع من العزاب..
راقبها بشغف وهو يُمرر يده علي خُصلاتها شديدة النعومة بعشق وقد احس بالراحة تتسرب في اوردته اخيرا
***********
في صباح اليوم التالي
استيقظ سليم والأبتسامة تُزين وجهه لوجودها في حضنه قبل جبينها بحنان جارف وهو يبتعد عنها بهدواء خشية ان يُقظها
اتجه ليأخذ حماما ويتجهز لعمله
استيقظت ريم بنعاس وسرعان ما تحول لسعادة وحماس عند تذكرها لسليم ،دارت بعينيها في ارجاء الغرفة تبحث عنه فوجدته يخرج من غرفة الملابس بمظهرة الرائع الذي خطف لُبها، ظلت تتأمله بهيام غافلة عن تلك الأبتسامة التي زينت ثغره عندما لاحظ تطلعها به بتلك الطريقة فنظر لها بعبث وهو يقف امام المرآة يُمشط شعره الحريري :
للدرجة دي انا حلو

نهضت ريم بكسل وهي تتجه له وتحتضنه وتستند برأسها علي ظهره :
انت فعلا حلو حلو اوي
ترك فرشاة الشعر من يده والتفت في مواجهتها يحتضنها بحنان:
لما انا ابقي حلو بسكوتي تبقي ايه
رفهت رأسها في مواجهته وهي تقول بلهفة وسعادة :
بسكوتك؟
حدق في عينيها بعشق وهو يميل عليها يُقبلها بحب جارف :
اه بسكوتي وعمري كله
*************
في وقت الأفطار جلس افراد العائلة في جو رتيب مُمل بخلاف تلك النظرات المُمتقعة التي تتلقاها نوارة من ثرية ونورا ببرودة اعصاب وهي تأكل بأستمتاع سُرعات ما امتقع وجهها عندما وجدت سليم يهبط الدرج برفقة ريم وهو يحاوط كتفيها بتملك وكأنها ستفر منه
سليم وهو يُجلس ريم بجانبه ويقول بصوته الجدي:
ازيكم يا جماعة
طالعته كلا من ثرية وكوثر بفرحة قبل ان يهموا بأحتضانه بحب
كوثر بدموع :
تقعد اسبوع برا البيت من غير ما اشوفك يا سليم هونت عليك
ثرية بعتاب :
كده يا سايم هو احنا لينا غيرك ده انت سندنا بعد ربنا يبني
احتضنهم سليم بحنان وهو يقول بمزاح :
وبعدين بقي هي الستات كلها دمعتها قريبة كده ليه مش كفاية العيوطة الصغيرة
شهقت ربم بحنق :
انا عيوطة يا سليم ؟
ضحك علي مظهرها وهو يقول بحب :
-لا يا روحي انا اللي عيوطة
قامت نوارة من مقعدها متوجها اليه تُطالعة بحب :
سليم ليك وحشه الدنيا كلها كانت امضلمة في غيابك يا غالي
قال سليم وهو يُحرك لها رأسه بمجاملة :
تسلمي يا نوارة
ثم حول نظرة الي العاملة التي تقوم بوضع اطباق الأفطار :
لو سمحتي اعمليلي القهوة بتاعتي
لم تدع نوارة للخادمة فرصة الرد وهي تقول بأندفاع ولهفة :
اعملك اني الجهوة علي حبابي عنيا اني بعملها زين جوي
سأمت منها ريم وهي تري اهتمامها وكلامها لسليم فحدقت بها بنفاذ صبر وحنق طفولي :
لا حضرتك تقدري ترتاحي وماتتعبيش نفسك وانا اللي هعملها
نظر لها سليم وهو يرفع كلتا حاجبية ويبتسم بعدم تصديق:
ريم هتدخلي المطبخ وتعمليلي القهوة بجد
رمقته بنظرة نارية :
تقصد تقول اني فاشله في المطبخ ومش بعرف اعمل قهوة عايزها هي تعملك

اتجه لها وهو يقبل جبينها وهو يبتسم بحنان :
يا روحي ماقصدش ،انا اقصد انك هاتعمليلي بنفسك
تحولت تعابير وجهها في لحظة وقد ابتسمت بخجل :
طبعا يا حبيبي مش هعمل ليك هعمل لمين
رمقها نادر شزرا :
يابت بياكل بعقلك حلاوة وبيستغل هبلك
سليم بغلظة :
وانت مالك انت يا تنح
شهقت وهي تنظر له بتذمر
:انا هبله يا سليم
-لا يا روحي هو اللي اهبل وستين اهبل
رمقه نادر بأستنكار :
يا حنين
.........
بعد نصف ساعة من الأنتظار اعدت ريم قهوة سليم اخيرا وهي تُقدمها له بترقب وتوتر وكأننا تنتظر نتيجة الثانوية العامة
اخذ القهوة من يدها :
لسه بدري يا قلبي ماكنتي خدتيلك شوية وقت كمان
تحدثت ريم ببرائة وقد صدقت كلامه:
مانا قولت انك مستعجل يا حبيبي
نظر لها مبتسما علي برائتها قبل ان يرتشف من القهوة وتمتعض ملامح وجهه
-ها يا سليم حلوة !
اصطنع الأبتسامة وهو يقبل يدها :
اوي اوي يا روحي تسلم ايدك
نظرت له بحماس وسعادة :
بجد خلاص هعملك قهوتك كل يوم
نظر لها وقد برقت عينيه بزعر :
لا لا يا حبيبي انا مش عايزك تتعبي خالص
احاطت عنقه من الخلف وهي تقبل وجنته :
ولا تعب ولا حاجة هو انا عندي كام سولي
اجابها بحسرة تحت نظرات نادر الشامته:
هو سولي واحد بس
لم يكد يُنهي حديثة عندما دلف احد الحراس وهو يقول بتوتر:
سليم بيه فيه عربية بوليس برا وبيقولوا انهم جايين لحضرتك
التفت سليم لريم التي مازالت تتوق عنقه وتنظر للحارس بصدمة:
شوفتي يا روحي لما بتقرري تدخلي المطبخ بيحصل ايه
يتبع ❤

وليدة قلبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن