3

26 5 1
                                    

الأيام كانت تمر ببطء في الديرة، وهند كانت تحاول تشغل نفسها بالدراسة، لكن خالد ما كان يفارق بالها. حتى وهي جالسة مع أهلها، كانت دايمًا تفكر في الرسائل اللي بينها وبينه. كل رسالة من خالد كانت تترك أثر في قلبها، كأنها دليل على إن حبهم ما زال حي.

في يوم، وهي جالسة في غرفتها، فجأة دخلت عليها جوري، بنت أختها الصغيرة، اللي دايم تشوفها مثل أختها القريبة. جوري كانت بنت 15 سنة، مرحة وتحب الفضول، وما تفوت شيء يصير في البيت إلا وتعرفه.

"هند! هند! عندك وقت؟ لازم أقولك شيء مهم!"
قالت جوري وهي تدخل الغرفة بسرعة وكأنها تحمل خبر عاجل.

هند، بابتسامة مستغربة:
"وش عندك يا جوري؟ ليش هالحماس؟"

جوري جلست جنب هند على السرير وهي تمسك بيدها:
"تدرين إن سارة، أختك، تحب واحد من جماعتكم؟ سمعتها تتكلم عنه وهي تكلم صحباتها."

هند نظرت لها بدهشة، ما كانت تتوقع هذا الشيء من سارة.
"وش تقولين؟ سارة؟ مستحيل! كيف عرفتِ؟"

"إيه والله! كنت جالسة جنب باب غرفتها وسمعتها تحكي عن واحد يقرب لكم من جهة أبوك!"

هند جلست تفكر بعمق، تحاول تربط الأمور ببعض. سارة أصغر منها بسنتين، كانت دايم هادية وما تبيّن مشاعرها لأحد، لدرجة إن هند كانت تظن إنها آخر واحدة ممكن تفكر في الحب.
"متى صارت هالسالفة؟ سارة عمرها ما تكلمت عن شيء زي كذا."

"يمكن أخفت الموضوع عشان ماحد يعرف. شكلها خايفة من ردة فعل العائلة." قالت جوري وهي تنظر لهند بترقب.

"ممم، لازم أتأكد بنفسي، بس لا تقولين لأحد، فهمتي؟" هند ردت بحذر وهي تفكر في خطوتها القادمة.

في اليوم اللي بعده، كانت هند جالسة في الصالة مع أمها وأبوها. الجو كان هادي، إلا إن هند ما قدرت تطلع من بالها اللي قالته جوري. فجأة دخلت سارة، وبدا عليها الارتباك، لابسة عباءتها وكأنها كانت طالعة أو راجعة من مكان ما.
أمها سألتها بهدوء:
"وين كنتِ من الصبح يا سارة؟ ما شفتك."

سارة، بابتسامة باهتة:
"كنت مع صحباتي، طلعنا شوي."

لكن هند كانت حاسة بشيء غريب. سارة تصرفت بطريقة غير طبيعية، وكأنها تحاول تخفي شيء. قررت هند ما تضغط عليها في اللحظة هذي، لكن عرفت إنها لازم تتكلم معها في وقت لاحق وتفهم السالفة بالكامل.

مر يومين، وهند كانت جالسة مع نفسها تفكر في اللي يدور حولها. في هالوقت، وصلتها رسالة من خالد، بس كانت مختلفة هالمرة. الرسالة تقول:

"هند، في أشياء لازم نتكلم عنها لما أجي الديرة قريب. الوضع ما عاد زي ما هو. مشتاق لكِ، لكن في أمور لازم أوضحها."

هند قرت الرسالة عدة مرات، حسّت بشيء يضايقها. وش يقصد خالد؟ هل بيكون فيه كلام عن مشاعرهم؟ هل ممكن يفتح موضوع جديد؟ الأسئلة بدأت تزدحم في راسها، وتخلط بين حبها لخالد وقلقها على سارة وحياتهم في الديرة.

خالد دايم كان غامض في كلامه، وما يحب يدخل في مواضيع مباشرة، لكن هالمرة الرسالة كانت مختلفة. كان فيه شي أكبر من المعتاد.

بينما كانت هند تحاول تستوعب اللي قريته، جت نورة، صديقة العائلة، تزورهم كالعادة. نورة كانت دايم تجيب معها أخبار الديرة والجيران، وما تخلي حدث يصير إلا وتتكلم عنه.
"هند، شفتِ اللي صار مع عيال الجيران؟" قالت نورة وهي تدخل الصالة بابتسامة واسعة.

هند حاولت تركز معاها وهي تقول:
"وش صار؟"

"فهد، ابن الجيران، سوى حفلة كبيرة البارح. كل الشباب كانوا موجودين." نورة كانت دايم تحب تضيف لمسات من الحماس لأحاديثها.

فهد كان من الشخصيات الثانوية في حياتهم، لكن دايم يظهر في الأحداث الكبيرة، إما بتعليقاته أو بمزاحه الثقيل اللي يثير الضحك أحيانًا والملل أحيانًا ثانية. حضوره كان دايم يخلّي الجو مختلف.

بعد ما انتهت الزيارة، بقت هند تفكر في الرسالة اللي وصلتها من خالد. عرفت إنها لازم تواجه مشاعرها وتتكلم مع خالد بوضوح لما يجي الديرة. في نفس الوقت، لازم تعرف سر سارة واللي تخفيه، خاصة بعد كلام جوري. الأمور بدأت تتعقد، وكل شيء كان ينذر بإنه راح يصير تطورات كبيرة قريبًا.

هكذا، يتصاعد التشويق في القصة مع ازدياد التعقيد في العلاقات بين الشخصيات، وتدخل المزيد من الشخصيات الثانوية التي تضيف تنوعًا وحيوية للأحداث.

حبيتك يالحبيب بعد غيابك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن