16

7 3 0
                                    


بعدما غادرت هند المقهى، كانت الكلمات التي سمعتها من فهد ترن في أذنيها

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.



بعدما غادرت هند المقهى، كانت الكلمات التي سمعتها من فهد ترن في أذنيها. كانت تعلم أن هذا السر الذي كشفه فهد قد قلب كل الموازين. شعرت بأن فهمها للأحداث السابقة كان ناقصًا، وأن هناك جوانب خفية في قصة خالد كانت تجهلها.

وصلت هند إلى البيت وهي منهكة ذهنيًا، وبالكاد تستطيع الوقوف. كانت جوري بانتظارها في الصالة، وهي تحمل كوبًا من الشاي بيدها وتطالع هند بترقب: "وينك يا هند؟ شكلك مو طبيعي!"

جلست هند على الأريكة وتنهدت بعمق: "جوري، عندي أشياء كثيرة برأسي، ما أقدر حتى أرتبها."

جوري، بفضولها المعتاد، قررت ما تستعجل على هند، لكن همست لها: "إذا تبغين أحد يسمعك، أنا موجودة."

هند حركت رأسها بحركة شبه موافقة، لكن لم تتحدث. كانت تحتاج لوقت تستوعب فيه كل شيء.

مرت الأيام، وكانت هند تختار الابتعاد قليلاً عن التجمعات العائلية، غارقة في أفكارها. لم تستطع تحديد مشاعرها بشكل كامل، فهي بين الحزن، الغضب، والتسامح. خالد من جهة، وفهد من جهة أخرى، كل منهما يحرك شيئًا في داخلها، ولم تكن تعرف أي طريق تختار.

في هذا الوقت، كانت سارة تعيش في عالمها الخاص، حيث علاقتها السرية مع ابن عمهم من جهة والدها بدأت تأخذ منعطفًا جديدًا. كان اسمه يزيد، وكان شابًا ذكيًا وحازمًا في نفس الوقت. سارة كانت مترددة في الكشف عن مشاعرها لعائلتها، خصوصًا في ظل الأجواء المشحونة بين هند وخالد.

في ليلة من الليالي، اجتمعت العائلة في البيت الكبير لجدتهم، وكان التجمع حافلاً بالضحك والحديث، لكن هند كانت لا تزال تشعر بالغرابة تجاه خالد. شعرت أن نظراته تلاحقها، وتحمل أسئلة لم تُسأل بعد. من جهة أخرى، كان تميم، ابن الجيران، يحاول كسر الجليد بضحكاته المعتادة، ولكن حتى محاولاته لم تكن كافية لتحرير هند من أفكارها.

بعد العشاء، قررت هند الخروج للحديقة لأخذ بعض الهواء. وبينما كانت تتجول، سمعت صوتًا خافتًا يناديها: "هند، لحظة!"

التفتت ورأت خالد يقف بعيدًا، يراقبها بنظرة حائرة. تقدم نحوها ببطء، وكأن كل خطوة تحمل في طياتها أعباء سنين من الألم والندم.

قال خالد بصوت مبحوح: "هند، أحتاج أتكلم معك عن كل شيء، أتمنى تعطيني فرصة أشرح."

هند نظرت إليه ببرود، وقالت بحدة: "ما أعتقد إن فيه شيء يقدر يغير اللي صار، خالد."

لكن خالد لم يستسلم، وأخذ نفسًا عميقًا وقال: "أعرف أني خذلتك، وأعرف أن كلامي يمكن ما يكون كافي، لكني ما أقدر أتحمل أنك تفكرين أني تركتك بدون سبب."

هند كانت تريد أن تقاوم، لكنها شعرت بشيء يكسر داخلها. تركت خالد يتحدث، وهو يشرح كل شيء، كيف أن الظروف كانت أكبر منه، وكيف أن الضغوط العائلية أجبرته على اتخاذ قرارات ما كان يرغب بها.

بعدما انتهى خالد من حديثه، نظرت هند في عينيه وقالت بصوت متحشرج: "خالد، الكلام اللي قلته ما راح يمحي الجروح، ولا راح يرجع الوقت اللي ضاع. أنا بس محتاجة وقت أفكر، محتاجة أفهم نفسي أول."

خالد أومأ برأسه وقال بهدوء: "ما راح أضغط عليك، كل اللي أبغاه أنك تعرفين أني موجود، وبانتظارك."

في هذه الأثناء، كانت جوري تراقب المشهد من بعيد، وكانت تعرف أن هذا اللقاء قد يغير أشياء كثيرة في حياة هند. لكنها اختارت الصمت، احترامًا لخصوصية اللحظة.

في اليوم التالي، كانت سارة تخطط للقاء يزيد في أحد المقاهي. كانت مترددة، لكنها شعرت أن الوقت قد حان لاتخاذ خطوة حقيقية في حياتها. عندما وصلت، وجدت يزيد ينتظرها بابتسامة دافئة. جلسوا معًا، وبدأت سارة تتحدث بصراحة عن مخاوفها وقلقها من مواجهة العائلة.

يزيد ابتسم وقال بحزم: "سارة، أنا معك في كل خطوة. وأي قرار تتخذينه، أنا مستعد له."

كانت كلماته مطمئنة لسارة، لكنها كانت تعلم أن الطريق لن يكون سهلاً. قررت أن تأخذ وقتًا للتفكير، وأن تتحدث مع والدها أولاً.

خلال هذه الفترة، بدأت الأمور تتعقد أكثر بين هند وفهد. كان فهد يظهر اهتمامه بشكل متزايد، وحاول مرارًا أن يقابلها ويتحدث معها. كانت هند مترددة في البداية، لكنها قررت أخيرًا أن تمنحه فرصة لشرح موقفه.

التقيا في نفس المقهى الذي التقيا فيه لأول مرة. جلس فهد بهدوء، وكان ينظر إلى هند بنظرة مليئة بالثقة. قال بعد لحظات من الصمت: "هند، أعرف أني دخلت حياتك فجأة، وأن الأمور معقدة، لكني جاي أوضح لك شيء واحد: أنا ما جيت هنا عشان أزعجك أو أتدخل في حياتك، جيت عشان أكون جزء منها."

هند نظرت له بدهشة، لكنها شعرت بأن كلامه كان صادقًا. قالت بتردد: "فهد، ما أعرف وش أقول لك. حياتي معقدة كفاية، وما أبغى أزيدها تعقيد."

فهد ابتسم بخفة وقال: "أنا ما أطلب منك شيء الحين، بس أطلب منك تفكرين. إذا احتجتي أحد يكون معك، أنا هنا."

بعد هذه المحادثة، بدأت هند تشعر أن هناك طريقًا جديدًا يفتح أمامها، طريق مليء بالتحديات والقرارات الصعبة. ومع ذلك، شعرت ببعض الراحة لوجود أشخاص حولها يدعمونها.

لكن الحياة لم تكن مستعدة لتمنحها لحظات هدوء. في تلك الليلة، وصلتها رسالة غير متوقعة من رقم مجهول. كانت الرسالة تحمل كلمات غامضة: "احذري يا هند، الأمور ليست كما تبدو."

أثارت هذه الرسالة قلق هند، ولم تستطع النوم في تلك الليلة. كانت تتساءل من الذي أرسل الرسالة، وما الذي يخبئه المستقبل لها. هل كان فهد؟ أم شخص آخر يتلاعب بمشاعرها؟

كانت هذه الرسالة بمثابة نقطة تحول جديدة في حياتها. بدأت تشعر بأن هناك أسرارًا أكبر لم تكشف بعد، وأن رحلتها للبحث عن الحقيقة قد بدأت للتو.

يتبع...

حبيتك يالحبيب بعد غيابك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن