الفصل الثاني والعشرون: لعبة الاقدار

1.7K 144 30
                                    

داخل الحجز، دهب كانت في حالة من التوهان. لم تفهم بعد كيف تحولت حياتها فجأة إلى هذا الكابوس. كانت معتادة على التنمر بسبب مرضها، لكنها لم تتوقع أبدًا أن يكون عيسى، الذي عرفته في الجامعة، أحد هؤلاء المتنمرين. كل شيء كان يبدو وكأنه مأساة تتوالى أمامها، ولا مجال للهروب.

لم يكن الحجز مكانًا عاديًا. النساء اللاتي وجدنها فيه كن متوحشات. لم يرحمنها، هاجمنها بضراوة، دون سبب واضح. الضربات تنهال عليها من كل جانب، لم تستطع الدفاع عن نفسها، وكل ضربة كانت تقربها من السقوط أكثر. حتى اختنق صوتها وتوقف عقلها عن التفكير، ولم تشعر بشيء سوى الألم حتى فقدت الوعي تمامًا.

فجأة، اقتحم عسكري الغرفة وفض الاشتباك بينهن. ركض مسرعًا إلى مكتب عيسى ليخبره بما حدث. عيسى لم يتمكن من الانتظار، انطلق فورًا ليرى ما أصاب دهب. عندما رآها في هذا الوضع، طلب حضور طبيب على الفور. كان قلبه يضرب بقوة في صدره، يشعر بالذنب، لكنه لم يظهر أي ضعف أمام رجاله. بعد أن تأكد الطبيب من حالتها، عاد عيسى إلى مكتبه، يحاول استعادة توازنه ومواصلة عمله، لكنه لم يكن قادرًا على نسيان ملامح وجهها الشاحبة، التي تحمل آثار الضرب المبرح.

بينما كان عيسى يحاول استعادة نفسه، دخل بدر مكتبه للاستجواب. كان بدر يعرف عيسى جيدًا، كان قد رآه من قبل عندما جاء إلى بيتهم لزيارة دهب، واستضافوه كضيف. ولكن عيسى، بطريقة غريبة، أنكر معرفته ببدر وتعامل معه بجفاء وقسوة، تمامًا كما فعل مع دهب. كان بدر مستغربًا، ولكن الغضب تملكه أكثر.

ثم فجأة دخل العسكري مرة أخرى، لاهثًا، وأخبر عيسى بخبر لا يحتمل التأجيل:
_ "عيسى بيه، دهب دخلت في غيبوبة، والدكتور بيقول لازم تتنقل المستشفى فورًا."

صُدم بدر بشدة، تملكه الجنون، وسأل بصوت مرتجف:
_ "دهب مين؟ دهب أختي! إيه اللي حصل؟ عملتوا إيه في أختي؟!"

أمسك بدر بالعسكري وكان على وشك أن يخنقه من شدة الغضب، لكن عيسى تدخل بسرعة وصرخ ليفض الاشتباك بينهما. بالكاد استطاع العسكري أن يتنفس، وقال وهو يحاول استجماع قوته:
_ "لما دخلت الحجز، شوية بنات اتلموا عليها وضربوها وخنقوها."

اشتعل الغضب في عيني بدر، وقال بصوت مليء بالعصبية:
_ "حجز؟! أختي معيدة في كلية حقوق، والكل يشهد بأخلاقها. إزاي تدخل حجز؟ دانا هخرب بيتكم أنت وكل اللي معاك!"

نظر بدر لعيسى بنظرة حادة، لكن عيسى كان محتارًا، وسأل بغضب مكبوت:
_ "وإزاي أنت وهي أخوات، إيه اللي وداكم شقة مشبوهة كده؟"

بدر لم يستطع تمالك نفسه، وأجاب بصوت يكاد ينفجر من شدة الغضب:
_ "عشان مراتي مخطوفة، وده العنوان اللي جالي إنها فيه!"

عيسى لم يفهم بعد:
_ "وليه ما قدمتش بلاغ؟"

بدر فقد صبره تمامًا وصاح بغضب:
_ "ده مش وقته نهائي! أختي فين؟"

 دهـبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن