الفصل الرابع والعشرون: لم تنته الحقائق بعد

900 82 24
                                    

في المستشفى، كانت دهب تجلس تحاول استيعاب كل ما حدث لها خلال الأيام الماضية. صدمة الأحداث لم تترك لها فرصة لاسترجاع أنفاسها. فجأة، دخل عيسي لها واردفت بإرهاق وتعب

"عيسي انت لسه هنا عملت ايه عرفت حاجه عن المتورطين في قضيتك!"

وكانت ملامحه مليئة بالغرور والتكبر. توقفت في مكانها، متوقعة أن ينتهي هذا الكابوس في أقرب وقت، لكنها تفاجأت بنبرته القاسية.

وقف أمامها بثقة، يرمقها بنظرة مليئة بالاحتقار.

"لسه هنا؟ مفروض كنتِ اتعلمتي إنك متفتحيش بقك معايا تاني. إنتِ مالكش الحق تتكلمي بحريتك قدامي"، قالها ببرودٍ وسخرية.

رفعت دهب رأسها، متحيرة من الطريقة التي يتحدث بها. حاولت أن تتماسك، لكنها لم تستطع إخفاء ارتباكها.

"أنت مين عشان تتكلم معايا بالطريقة دي؟ أنا مش هسمح لك تتكلم عني كده!" ردت بجرأة، رغم القلق الذي كان يسري بداخلها.

ابتسم ابتسامة متعجرفة وهو ينظر إليها بنظرة متعالية.

"إنتِ؟ فاكرة إنك تستحقي كلام أحسن من كده؟ مالكيش أي قيمة هنا، واللي زيك مكانهم معروف مش شايفه شكلك عامل ازاي انا كل ما ببصلك ببقي عايز ارجع."

كانت كلماته كالسكاكين التي تخترق كرامتها، لكنها رفضت أن تظهر الضعف. وقفت محاولة الرد عليه بهدوء، لكن الغضب كان يسيطر عليها.

"أنا مش هخاف منك، ومش هسمح لك تهينني بالطريقة دي تاني!"

نظر إليها بازدراء، وكأن كلماتها لم تؤثر فيه إطلاقًا.

"إنتِ فعلاً فاكرة إنك تستحقي حاجة تانية؟ حاولي تستوعبي إنك مالكيش مكان بين الناس اللي زيي، وإياك تفكري إنك ترفعي عينك فيا تاني."

شعرت دهب بالعجز والغضب يشتعلان بداخلها. لم تكن قادرة على فهم السبب وراء معاملته القاسية تلك. تساءلت في سرها: لماذا يهينها بهذا الشكل؟ وهل حقًا هو نفس الشخص الذي اعتقدت أنها تعرفه؟

في لحظة غليان الغضب، لم تستطع دهب أن تتحكم في نفسها. نظرت إليه بعينيها المليئتين بالدموع والاحتقار، ثم فجأة، رفعت يدها وصفعته بقوة على وجهه. كانت الصفعة مدوية، وكأنها تحاول تفريغ كل الألم والإهانة التي شعرت بها في تلك اللحظة. لم تنطق كلمة، استدارت بسرعة وغادرت الغرفة قبل أن تنفجر دموعها أمامه.

أما هو، فقد ظل واقفًا مكانه، وكأن الصفعة لم تؤثر فيه مطلقًا. بدلاً من أن يغضب، ابتسم بسخرية، ثم بدأ يضحك بهدوء.

"إنتِ فعلاً مفكرة إنك انتصرتِ؟" همس لنفسه بابتسامة انتصار باردة.

تحرك ببطء نحو الباب، وخرج بخطوات واثقة، وكأن تلك الصفعة لم تكن سوى علامة أخرى على سيطرته. شعر بالانتصار وكأن ما حدث أكد له تفوقه.

 دهـبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن