الفصل السادس والعشرون: أثام الماضي

887 82 6
                                    

ياقوت كانت تسير في ممرات المستشفى بخطوات مترددة، كل خطوة كانت ثقيلة كأنها تحمل على كتفيها جبلاً من الندم والحزن. تفكر في والدها عبدالمعز، الرجل الذي أحبها ورباها، وكيف كسرت قلبه عندما اختارت الهروب والزواج من ابن عدوه اللدود. كانت تعلم أن والديها لن يغفرا لها بسهولة، ولكن كان هناك شيء في داخلها يدفعها للقدوم إلى هنا. أرادت بشدة أن تطلب السماح، أن تصحح بعضًا مما أفسدته.

وصلت أخيرًا إلى باب غرفة والدها، وقبل أن تتمكن من الدخول، وجدت والدتها واقفة أمام الباب، ووجهها غارق في الغضب والاحتقار. كانت نظراتها قاسية وكأنها سيوف تخترق قلب ياقوت.

ياقوت: (بصوت متردد) امي... ممكن أشوف أبوي؟ عايزة أطلب منه السماح.

الأم: (بتحدي وغضب) تجي هنا ليه؟ بعد اللي عملتيه! إنتِ السبب في كل اللي حصله. مش هتشوفيه أبداً!

ياقوت: (بتوسل) أمي، أرجوكي... أنا ندمانة. لازم أطلب السماح منه، يمكن يكون آخر فرصة.

الأم تنظر إليها بعينين ملتهبتين، تتذكر كل الألم الذي تسبب فيه هروبها وزواجها، وتقاطعها بشدة:

الأم: (بغضب أشد) يسامحك؟ إنتِ جرحتينا، دمرتي كل حاجة. عبدالمعز في المستشفى بسببك، روحي بعيد عننا!

في تلك اللحظة، يُفتح باب الغرفة قليلا من الهواء، ويظهر وجه عبدالمعز. صوت ابنته ياقوت وصل إليه رغم ضعف جسده، وعيناه كانت مليئة بالدهشة والصدمة. حاول النطق بصعوبة، وكان صوته ضعيفًا ومهتزًا:

عبدالمعز: (بصوت خافت) يا... يا ياقوت؟

كانت صدمته قوية، قلبه المرتجف كان يكافح، وجسده بدأ يتشنج. الأم اندفعت ناحيته، تحاول تهدئته، بينما ياقوت تجمدت مكانها وهي تبكي بحرقة:

ياقوت: (بدموع وألم) أبوي، سامحني... ما كانش قصدي أوجعك. أنا كنت ضايعة.

لكن حالة عبدالمعز كانت تتدهور بسرعة، وكان على وشك أن يفقد وعيه من قوة الصدمة. في هذه اللحظة، دخلت تهاني إلى الغرفة، ورأت ما يحدث. ركضت نحو ياقوت بنظرات غاضبة وأمسكت بذراعها لتجرها بعيدًا عن والدها:

تهاني: (بتحدي وغضب) إنتِ جايه هنا تعملي إيه؟ مش كفاية اللي عملتيه؟ أبوكي مش ناقص صدمات أكتر!

ياقوت: (بتحدي هي الأخرى) أنا بنت عبدالمعز! ليه مش عايزني أشوفه؟ أنتِ نسيتي نفسك!

كانت تهاني تغلي من الغضب، وبدون تفكير، رفعت يدها وضربت ياقوت على وجهها بشدة. صوت الصفعة ملأ الغرفة، وياقوت تفاجأت بالضربة، لكنها تراجعت قليلًا ووضعت يدها على وجهها.

ياقوت: (بصوت مملوء احتقار) إنتِ مين عشان تضربيني؟

تهاني: (بغضب وقوة) أنا اللي مش هسمحلك تأذيه تاني! إنتِ خرجتي من حياتنا، وده أحسن حاجة عملتيها!

 دهـبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن