في صباح اليوم التالي، كان آسر يقف أمام المرآة في صالة منزل روان، الذي يعيش فيه معها بعد أن أصرت على ذلك. كان يُعدّل من وضعية شعره ويرش العطر الخاص به، في حين كانت روان تجلس على الأريكة خلفه تحتسي "لاتيه"، تحاول أن تتنشط لتكمل يومها بطاقة. قالت له بتعجب:
"اش اش اش، إيه الشياكة دي كلها؟ على فين العزم بقى؟"ليجيبها بغرور وهو ينظر لانعكاسها في المرآة:
"عيب عليكي يا بتّ! ده أنا آسر الهريدي اللي موقف بنات أمريكا كلهم على رجل. مش جديدة عليا الشياكة يعني."ثم تابع حديثه بمرح و حماس وهو يلتفت إليها:
"هروح الكلية المفروض أول محاضرة ليا النهارده. ادعيلي ألاقي بنت الحلال بسرعة بقى، ده القلب اشتكى من قلة الهشتكة."ضحكت على كلامه وهي تقول:
"أما أنت عجيب بصحيح! الناس بتقول ادعيلي ربنا يوقفلي ولاد الحلال، ادعي ربنا يسهلي، أو أي حاجة من بتاعة الناس العاقلة دي"أجابها وهو يأخذ الكوب من يدها ويرتشف منه:
"لا، أنا عايز بنات الحلال وفّري دعوة ولاد الحلال دي لحد غيري"ودّعها، ثم خرج من المنزل وهو في غاية الحماس ليومه الأول في العمل، بينما هي أمسكت هاتفها وبدأت ترى إن كان لديها أي رسائل جديدة. صُعقت حينما رأت رسالة يونس على مجموعتهم، وكان مضمونها:
"محدش فيكوا شاف براء أو كلمه من بعد ما مشينا من بيت الزفتة دي؟ بعد ما روحنا البيت، هو نزل عشان يقابل حد هيشتري منه لحمة للمطعم. هو نزل على الساعة 10 بليل كده، وكان المفروض يرجع بعدها بساعتين مثلاً، بس الساعة داخلة على 10 أهو وهو لسه مجاش. لو شفتوه في أي حتة أو عارفين عنه أي حاجة، قولولي."لم تفكر كثيراً واتصلت به بقلق، لم تنتظر سوى ثوانٍ حتى أجابها لتقول بتوتر:
"يونس، إيه اللي حصل؟ براء رجع صح؟"تنهد وهو يحاول أن يهدئ من نفسه وقال:
"لا يا روان، لسه مجاش، وماما تعبت أوي وضغطها عليّ. ده عمره ما عملها وغاب كده ومش بيرد علينا ولا طمنا عليه. ده طلع امبارح، ولحد دلوقتي مجاش"لتجيبه بقلق وهي تمسح على وجهها بيدها:
"متقلقش، إن شاء الله خير. المهم دلوقتي حاول تخلي طنط تهدى عشان متتعبش، هي كبيرة، غلط عليها كده"ليجيبها بقلق مفرط وهو تائه:
"أنا مش عارف أهدا عشان أهديها يا روان. براء ده توأمي مش أخويا بس، وأنا متأكد إنه عمره ما هيختفي كده وميردش علينا إلا لو حصل له حاجة. أنا قلقان عليه أوي. نزلت دورت عليه في منطقتنا، بس ماما تعبت فرجعت. مش عارف أعمل إيه ولا أدور فين. أنا تايه يا روان."همّت للوقوف وهي تقول:
"طب ابعتلي العنوان، أنا هقعد مع طنط وأنتَ دور عليه عشان تشوف هتعمل إيه."ليجيبها وهو يتنهد بحزن:
"لا، لا، خليكي. أنا هتصرف، بس لو عرفتي حاجة ابقي قوليلي."لتقول له بحزم وهي تتحرك نحو غرفتها بسرعة:
"إنجز يا يونس، خلص ابعت العنوان، مسافة السكة و جاية"

أنت تقرأ
خطوط متلاقية
Poetryإن حياتنا ما هي إلا خط بعض الأحيان يكون مستقيم و بعض الأحيان يكون متعرج، يتلاقى مع من نحبهم و نألفهم، أو ربما هناك سبب آخر لكي يتلاقى مع خطوط آخرى، و قد شاء القدر أن تتلاقى خطوطهم بعد أن فرقتها السنين، بل و أيضاً سيخوضون مغامرة مصيرية معاً فهل سيستط...